سياسة واقتصاد

قانون الإضراب... مسمار الحكومة فوق حائط تدبير الشأن الاجتماعي

كفى بريس

من المسلمات أن حكومة العثماني، مثل سابقتها حكومة بنكيران ستترك مساميرها فوق حائط تدبير الشأن الإجتماعي الوطني، ليدل عليها ويشير إلى انها كانت هنا.
المثال الحي على ذلك قانون الإضراب الذي أثار الكثير من النقع، ورفضته المركزيات النقابية، وطالبت بسحبه. طبعا امام رفض الحكومة الاستجابة لمطلب السحب وحتى التشاور لم يتم بالكيفية التي من المفروض أن يتم بها.
الان وبعد أن أصبح القانون على طاولة البرلمان، يستعد نواب الامة للتصويت عليه، وبعد أن علت أصوات معارضة لهذا القانون من خارج المغرب، حيث راسلت نقابات دولية الحكومة المغربية، معترضة عليه ومطالبة بسحبه لأنه يتعارض مع الحق الكوني في الإضراب من خلال عدد من البنود التي سطرتها الحكومة داخل مشروع القانون هذا.
تلك المراسلات الكثيرة، التي انهالت على حكومة العثماني، لم تمر مرور الكرام، بل اكرمت وفادتها وتركتها في صالون الضيافة لمدة طويلة ولم ترد عليها إلا مؤخرا، حتى إستوفت شروط الكرم المعروف بإبقاء الضيف ثلاثة أيام، وهنا نسجل للحكومة اجتهادها و كرمها البالغ بإبقاء تلك المراسلات أكثر من ثلاثة أيام بل أكثر من شهر.
المثير فعلا في رد الحكومة على النقابات الدولية، هو قطعها باستحالة سحب مشروع القانون، بحجة انه أصبح ملكا للمؤسسة التشريعية، وتقصد هنا مجلس النواب ومجلس المستشارين. لذلك قالت الحكومة أنه ليس من حقها سحبه الان.
لكن المراسلات سواء الدولية أو المحلية، كانت إبان إخراجه من رحم الحكومة، وعندما كان وزير التشغيل محمد يتيم يشد الحبل مع المركزيات النقابية، ويؤكد بانه لن يسحب المشروع، كما ان مسألة التشاور جاءت بأثر بعدي، أي بعد أن صادق المجلس الحكومي عليه. ورغم ذلك ظلت النقابات تطالب بما يحفظ حق العمال في الإضراب الذي يكفله القانون و الدستور، وجميع القوانين الدولية.
لكن السيد وزير التشغيل ظل مقتنعا بأنه يلعب لعبة "اليد الحديدية" مع النقابات، كما لو كان يرد لها "الصرف" بعد الإتفاق الإجتماعي الشهير.
كل من يطلع على رد حكومة العثماني على مراسلات النقابات الدولية، سيكتشف أنه كتب بلغة خشبية، مستعملا المصطلحات والتعابير القانونية هنا و هناك وفي كل جملة، كما ان مسألة التشاور مع الشركاء النقابيين، غلفت بغطاء من الإلتباس الذي لا تعرف مع "راسها من رجليها"..
لكن الاجمل في رد حكومة العثماني، هو الخاتمة التي تذكرنا بجملة شهيرة "لقد خرج الامر من يدي"، وبالتالي فإنها لن تسطيع سحبه لأن مشروع القانون صار ملكا للبرلمان حسب تعبيرها..
 هكذا تنتهي الحكومة من "غرزة مطرزة" لرد لا يسمن و لا يغني من جوع..