رأي

مصطفى مروان: تعقيبا على قرار بعض المديريات الجهوية للتربية والتكوين تكليف أساتذة اللغة الأمازيغية لتدريس اللغة العربية أو الفرنسية!

- أولا: إن مثل هذه القرارات تؤكد التخبط العشوائي و سياسة الكيل بمكيالين من طرف الدولة فيما يخص السياسة اللغوية بالبلاد، حيث هناك لغات توفر لها من الإمكانيات المادية و البشرية الشيء الكثير و لغة أصيلة و متجدرة في هذه الأرض السعيدة ممنوع عليها أي فجوة للتقدم و التطور، بل تنتزع حقوقها الواحد تلو الآخر كلما سمحت الفرصة و الظروف، فبعد معاناة مريرة لعدد من أساتذة اللغة الأمازيغية العام المنصرم بكل من مديريات بوجدور، النواصر،  بوعرفة، تنغير، مراكش، خنيفرة، ماسة، و كلميم...الخ، ها هو الموسم الدراسي الجديد  2019/2020 يظل علينا بمزيد من المضايقات و القرارات الجائرة و اللاقانونية،  و هذا ما يقودنا للقول و بكل آسف و غصة شدين: نحن أمام سياسة إلهاء مجتمعية عنوانها البارز العداء للأمازيغية!

- ثانيا: إن وزارة التربية الوطنية و في شخص مديرياتها الإقليمية تخرق القانون عبر -قرارات عنصرية و تميزية- لا تستند إلى أي إطار قانوني و أخلاقي و حقوقي و إنساني،  فلا هي احترمت القانون الأسمى للبلاد المتمثل في دستور يوليوز 2011 (الفصل 5)، و لا المذكرات الوزارية الصادرة في هذا الشأن (108 و 116 و 130)، و لا توصيات المجلس الأعلى للتربية و التكوين (الرؤية الإستراتيجية ل 2015-2030)، إضافة إلى ما جاءت به مسودة القانون التنظيمي للأمازيغية ( تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في جميع الأسلاك في أفق 2030)،  رغم أن المسودة المذكورة استنكرها الجميع لأنها بعيدة كل البعد عن طموحات الكثيرين ممن يمنون النفس بأن يأتي يوم يدرس فيه أبنائهم اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغات اخرى دون حيف أو إقصاء أو تمييز. كما أن وعود السيد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني الذي صرح في قبة البرلمان بحضور وزير التربية الوطنية بأن تكليف أساتذة اللغة الأماريغية لتدريس مواد أخرى غير مقبول و أن زمن هذه التكليفات بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية قد انتهى، لكن الواقع أفصح أن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد أحلام شاردة وزعت علينا من أجل كسب مزيد من الوقت لإمتصاص غضب الشارع و  الحركة الأمازيغية خاصة و الحقوقية عامة.

- ثالثا: إن لجوء بعض المديريات الإقليمية كمديرية الفداء مرس السلطان (مدرسة المقديسي) و  بوزنيقة (مدرسة نابغة) إلى تصريف أزمتها المتمثلة في عدم القدرة على سد الخصاص - المشكوك في أمره- خاصة بعد توظيف الوزارة عبر أكاديمياتها هذا الموسم لعدد كبير من الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد حوالي 20.000 أستاذ(ة) تمثل نسبة أساتذة الأمازيغية فيهم حوالي 0.9% (180 أستاذ(ة))، فالبرغم من الحصيص الهزيل الممنوح لتدريس اللغة الأمازيغية لازالت بعض المديريات تنهج نفس السياسة مع مطلع كل موسم دراسي جديد حيث توجه تكليفات في الغالب شفوية لأستاذة اللغة الأمازيغية عبر مدراء المدارس التي يشتغلون بها أو مصلحة الموارد البشرية تخبرهم/تجبرهم بوجوب تعويض خصاص أساتذة التخصص المزدوج، كما أن بعضا من المديريات المعنية نظمت يوم دراسي حول وضعية تدريس اللغة الأمازيغية بالأقاليم التابعة لها، و من بين ما خلص إليه هذه اللقاءات عبر توصيات سلمت إلى رؤساء مصالح الموارد البشرية ضرورة تحصين التخصص و منع إسناد أساتدة اللغة الأمازيغية أي تخصص آخر و تحت أي ظرفية كانت، إضافة إلى توجيه تعليمات لجميع المتدخلين من مدراء تربويين و مفتشين للقيام باللازم و في نفس السياق إلزام ذوي التخصص المزدوج بتدريس ثلاثة ساعات من اللغة الأمازيغية أسبوعيا كما هو مثبت في استعمالات الزمن و تماشيا مع التوجيهات الرسمية، إلا أن واقع الحال اليوم يشير إلى العكس حيث تم إقحام اللغة الأمازيغية عنوة كجزء من الحل/المشكل، عوض التعامل مع اللغة الأمازيغية بنوع من التمييز الإيجابي و جبر الضرر بعد أكثر من 60 سنة من التعريب و الفرنسة.

-رابعا: بعيدا عن كون القرار جزافا مشروع أو غير مشروع خاصة و أن أساتدة اللغة الأمازيغية تم تعيينهم كأساتدة للغة الأمازيغية بدء من فوج 2012/2013 فما فوق، بعد استفادتهم من تكوين في بيداغوجيا و ديداكتيك اللغة الأمازيغية بالمراكز الجهوية للتربية و التكوين على أساس تدريس هذه اللغة فيما بعد و ليس لغة أخرى لم يكونوا في منهجيتها و لا في طريقة تدريسها، و من هذا المنطلق لا يحق للمديريات الإقليمية تعيينهم لتدريس لغات أخرى غير الأمازيغية، فهي اللغة التي هم مؤهلون لتدريسها وحدها، كما  أنه و بكل بساطة ليس هناك فائض من حيث أساتذة هذه اللغة، بل العكس هو الحاصل فعدد الخصاص الى حدود الموسم الدراسي الحالي هو مابين 8000 و 12000 أستاذ(ة)، علما أن عدد أساتذة اللغة الأمازيغية على المستوى الوطني في حدود 730 أستاذ(ة)!

-خامسا: إن الأمازيغية كملك مشترك لنا جميعا يحتم على الجميع التصدي لمثل هذه القرارات الهوجاء لأنها تمس قضية انسانية، هي قضية شعب ضحى و مازال يضحي - بوعي أو بغير وعي منه- من أجل أن تعيش الأقوام الوافدة عليه بسلام، ارجعوا الى التاريخ و اقرؤا بحيادية و بتجرد عن الأحكام القيمية الجاهزة عن شعب يعيش في كل واحد منكم!