قضايا

قضية هاجر الريسوني.. التضامن الذي كشف انفصام شخصية البعض

سناء دياب

لا شك أن قضية هاجر الريسوني، الصحفية بجريدة "أخبار اليوم" والمتابعة رفقة أشخاص آخرين، من بينهم طبيب، من أجل أفعال تتعلق بالإجهاض والمشاركة في الإجهاض، كشفت الغطاء عن انفصام خطير في شخصية عدد من المغاربة، وكيف يمكنهم أن يجعلوا من التضامن مظلة تستعمل تارة في الاحتماء من قطرات الغيث، وتارة أخرى لحجب أشعة الشمس، أو فقط من أجل حملها تحسبا لأي طارئ، كما قد تستعمل كقدم ثالثة.
لا ندري ما العلاقة الجدلية بين هذا الانفصام و صحيفة "أخبار اليوم"، لكن الوقائع توضح لنا أن من بيننا من يدعم المغتصب، هنا إشارة إلى مؤسس الجريدة المذكورة، ومن يدعم المجهضة، لكن لا أحد بين كل هؤلاء من التفت يوما إلى عشرات من المغتصبات ممن اشتغلن بنفس المؤسسة.
غريب أمر من يتضامن مع البعض ويرفض مؤازرة البعض الأخر حتى لو كانوا بنفس المكان، فقط مع اختلاف الزمان والأحداث...
لا أعتقد أن هاجر الريسوني، هي أيضا، اعتقلت بسبب قلمها ومقالاتها النقدية للاقتصاد، وحقدها على أخنوش، أو هي مؤامرة جديدة من طرف محمد بن سلمان..
اليوم، الكل مجند وراء هاجر الريسوني، فبين عمها الشيخ المبجل أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أحل، على غير عادته، زواج الفاتحة والنكاح قبل إتمام المراسيم الدينية، قبل الحديث عن الإجراءات القانونية، كما لم يفتي في وجوب الدية في قتل الجنين عن طريق الإجهاض... لكن الجميل في قضيته، هو مباركة جماع ابنة الأخ وخطيبها، وأنه كان فخورا بدعوته إلى حفل الزواج، فقط أنه لم يكن يعرف أنه كان سيحضر إلى عقيقة المولود قبل حفل الزفاف، أو بالأصح هي خرافة النفاق الديني.
هو ليس الوحيد الذي جند نفسه، مدافعا عن حرية ما بين الأرجل، فجماعة العدل الإحسان لم تدع الفرصة تمر دون ترك بصمتها ودعمها لهاجر الريسوني، وكونها مستهدفة من قوى ظلامية تهدف إلى إخراس صوتها. أما لماذا، فلا أحد أخبرنا. فالناطق غير الرسمي بلسان الجماعة، يلتمس من العامة مساندة ومؤازرة السيدة هاجر الريسوني في محنتها، دون تحديد هل هي محنة الإجهاض أم محنة الزج وراء القضبان ؟
كيف لا تُجنَّد فرق جماعة العدل والإحسان خلف قضية هاجر الريسوني وهم لسوابقهم في جهاد النكاح حافظون، ومرسخة في أذهانهم مغامرات نادية ياسين، ابنة الزعيم وكورنيش فاطمة ومحمد لمغاري وما خفي كان أعظم.. يقفون وراءها لأنهم معتادون على زواج الفاتحة وما ملكت إيمانهم وزواج القاصرات...
لكن الغريب في قضية الريسوني هو التفاف وتضامن من يؤمن بزواج الفاتحة ومن نصب نفسه مدافعا عن ضرورة إلغاء هذه الظاهرة.
فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان دخلت أيضا على خط هاجر، حيث طالبت بالإفراج الفوري عنها ومن اعتقل معها، وأن اعتقالها تعسفيا لأنها صحافية، كما نددت الجمعية بحملة التشهير التي تتعرض لها الريسوني.
فهل الجمعية تدافع عن هاجر من جهة حقها في الإجهاض ؟ أم من جهة الترويج لفكرة الزواج عن قراءة الفاتحة فقط ؟
من غريب الصدف، أن هاجر الريسوني قامت بجلد المطالبات بالحق المدني في قضية رئيس تحريرها السابق. فقط تأمل.
هي مجموعة من التساؤلات والملاحظات التي اختلط فيها الحابل بالنابل في قضية هاجر الريسوني، ومن وجد ضالته فيها لمهاجمة الدولة والقول باستهداف الصحافة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه، هو لماذا لم نلاحظ ولم نسمع أحدا يتكلم حين أقدمت السلطات القضائية على معالجة 15 قضية إجهاض غير مشروع، على الصعيد الوطني، بين سنتي 2018 و2019، والاستماع إلى 70 مشتبها فيه على ذمة هذه القضايا، منهم ممرضات ومساعدات طبيب وممرضو التخدير، إضافة إلى 23 طبيبا ؟
ألا تستحق الفتيات اللواتي توبعن في هذه القضايا الدعم والمؤازرة منكم، أم أنهن يعتبرن مواطنات من الدرجة الثانية ؟ أليس من حقهن الحصول على بيانات تضامن ودعم الجمعيات المسترزقة بأعراض من تشاء، أو أنهن لم يقمن بقراءة الفاتحة قبل الحمل ؟