سياسة واقتصاد

أحمد بوز: هل سيكون التقليص بداية لتأسيس هيكلة حكومية نموذجية في المستقبل؟ (حوار)

إدريس شكري

قال أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية أن تقليص عدد الحقائب الحكومية واعتماد أقطاب قطاعية، شيء مهم، لأنه يستجيب لما ظل يتم التعبير عنه في كثير من الأوساط منذ سنوات، ويتماشى إلى حد ما مع هو قائم في عدد من البلدان، لكنه تحفظ على ما وصفه بالنزوع نحو التقنوقراط، لأن السياسة تبنى على التعاقد وعلى ربط المسؤوليات السياسية بالمحاسبة السياسية

ما هو الأفق الذي يرسمه التعديل الحكومي ؟

اعتقد أن الأمر يتعلق أولا وقبل كل شيء بتعديل أضحى ممارسة جارية في كل الحكومات، منذ حكومة التناوب لسنة 1998 حيث كان يحدث تجديد جزء من أعضاء الحكومة، وبالتالي يمكن القول من هذه الناحية أن التعديل لم يكن مفاجئا.

نعم إن الخطاب الملكي لعيد العرش الأخير أعطى لهذا التعديل أبعادا جديدة وجعله موضوع ترقب كبير لما ربطه بضرورة إعادة هيكلة الحكومة والتقليص من عدد أعضائها والتركيز على اختيار الخبرات والكفاءات، ولكن التعديل في حذ ذاته كان مسألة وقت ليس إلا.

هل يتجاوب مع الإرادة الملكية؟

أظن أن هذا هو المفترض ما دام الملك هو الذي وافق على الهيكلة الحكومية، كما وافق على تعيين الوزراء المشرفين على قطاعاتها المختلفة. فقد كان بإمكانه أن يرفض لأن الدستور يعطيه سلطة التعيين بينما لا يعطي لرئيس الحكومة إلا سلطة الاقتراح.

 هل يمكن أن يساهم تقليص عدد الوزارات في الرفع من مردودية العمل الحكومي؟

 تقليص عدد أعضاء الحكومة من 39 إلى 23 وزيرا والتخلص من كتاب الدولة، واعتماد أقطاب قطاعية، من دون شك هو شيء مهم، لأنه يستجيب لما ظل يتم التعبير عنه في كثير من الأوساط منذ سنوات، ويتماشى إلى حد ما مع هو قائم في عدد من البلدان.

يبقى السؤال هل سيكون هذا التقليص بداية التأسيس في المستقبل لهيكلة حكومية نموذجية قارة أو على الأقل شبه قارة؟

لسنا ندري ربما قد تفرض إكراهات في المستقبل التراجع عن هذا التوجه. ثم لابد من الانتباه إلى أن التقليص في حد ذاته، رغم أهميته، ليس هو كل ما تحتاجه حكومة ناجعة وفعالة، بل لا بد أن يرتبط بشروط ومعطيات أخرى، وفي مقدمتها طبيعة الأشخاص الذين وضعوا على رأس تلك القطاعات، ثم وهذا هو المهم في نظري هل الهيكلة الحكومية الجديدة جاءت لكي تخدم اختيارات تقنية وتحكمت فيها هواجس إجرائية وظرفية ليس إلا، أم أن المحدد هو اختيارات حزبية وسياسية وربط العمل الحكومي باختيارات الناخبين وبالتعاقدات المفترضة بين الفائزين في الانتخابات والمصوتين لفائدتهم؟

بماذا تفسرون تعزيز الحكومة بكفاءات تقنوقراطية جديدة؟

قد يقال إن الأحزاب جد منهكة ولم تعد قادرة على تغذية الحقل السياسي بالأطر والكفاءات اللازمة، كما لم يعد بإمكانها أن تقدم وجوها حكومية في المستوى الذي يفرضه تدبير قطاعات وسياسات، وهذا قد يكون صحيحا، ولكنه في نظري لا يبرر هذا النزوع الصريح نحو التسليم بخيار التقنوقراط. ذلك أن السياسة تبنى على التعاقد وعلى ربط المسؤوليات السياسية بالمحاسبة السياسية، وعندما يكون ما يقارب نصف أعضاء الحكومة من التقنوقراط، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هناك وزراء التحقوا بالأحزاب منذ الحكومة السابقة، فإن ذلك لا يخدم هذه الصورة.