قضايا

الكلمة الأخيرة للمحكمة...

سعد كمال

لم يحاكم بوعشرين على رأي عبر عنه في افتتاحية أو موقف اتخذه من قضية، حتى يدعي البعض أن المحاكمة "سياسية"، ولعل الجميع متفق عن هذه الحقيقة، رغم أن بعض أصدقاء بوعشرين، الذي وصفه النقيب زيان ذات مرة " بوزنطيط"، يجتهدون لإلباس هذا "الزنطيطّ"، "كابوط" السياسية، لا أقل ولا أكثر، رغم أن شهادات ضحاياه تؤكد أنه لم يكن يلجأ إلى هذه الوسيلة، من باب الاحتياط فقط، حين يغلق عليهن في مكتبه، بعد أن ينسحب جميع العاملين في المؤسسة إلى حال سبيلهم.

ربما كان مطمئنا، لأن المرأة التي مارس عليها أبشع أنواع الاستعباد، حامل، و أن بعضهن متزوجات، لم يرأف لا بأجنتهن و لا بأزواجهن، الذين كان يرى أحدهم صباح مساء، ويحدثه ويجالسه...

ما حوكم من أجله بوعشرين هو جرائم يعاقب عليها القانون، تتعلق بالاغتصاب في حق نساء قادهن مصيرهن إلى الوقوع بين مخالبه.

الغريب في الأمر أن الجوقة، التي حملت الآلات وشرعت مجددا في عزف " السنفونية"مجددا، لا تدافع  عن براءة بوعشرين، الذي أدانه القضاء، بل يهوّلون من رفع الحكم الذي صدر في حقه استئنافيا إلى 15 سنة، لأن الجرائم التي اقترفها ـ في تقديرهم ـ لا تستحق كل هذا العقاب، وهو ما يعني أنهم كانوا يريدون له عقوبة أخف، وبالتالي يقرون بما اقترفت يداه غير آبهين بصرخات الضحايا.

ويكفي ـ والحالة هاته ـ أن هؤلاء يقرون، ضمنيا، بجرائم بوعشرين، لكنهم، فقط يريدون له حكما مخففا، ناسين أن عقوبة جريمة الاتجار في البشر تصل إلى 30 سنة، وأن الحكم الذي صدر في حقه، لم يذمل جروح الضحايا من النساء اللواتي استباح أجسادهن إرضاء لنزواته.

ومهما كان فإن السياق لن يسعف الذين يريدون الركوب على القضية، لأن الأدلة والحجج في هذا الملف أكبر من أن يمحوها الكلام، تارة باسم حقوق الإنسان، وتارة باسم حرية التعبير، وتارة باسم المصالح المرسلة، التي يجيد الفقيه الريسوني شرحها جيدا.