رأي

بلال مرميد: معنى المهرجانات التافهة..

باستثناء مهرجان مراكش الدولي الذي نسانده منذ بداياته إضافة لدعمنا مهرجانات قليلة أخرى تنظم في بعض جهات البلد، أطالع بهدوء ما تجنيه بعض من مهرجانات تثير الريبة من مال عام. أتأمل المشهد جيدا و أتساءل إن كان هناك من يراقب و يحاسب التفاهة و الترويج للتفاهة، و من يوقف مهازل تستغل فيها السينما. مهرجانات غريبة بأسمائها و بأطقمها، و بتجنيها على السينما.
 من ذي قبل، كنت أتسامح و أفتعل عدم الانتباه، بل و أجلب أحيانا بعضا من ضيوف هذه المهرجانات لل "إف ب إم" لأنني أنتقي ضيوفي بعناية فائقة وفق ما يلائم توجهي. الٱن بعد أن اطلعت على طرق تسييرها، و بالخصوص على تمويلها و الأساليب المتبعة في تسيير هذا التمويل، صرت أتوجس منها و من أصحابها.
 صفة الدولية بخست، و صار كل من هب و دب يمنحها لموعده الذي يتجنى به على السينما. عن أي دولية يتحدثون؟ و لماذا يكذبون الكذبة و يعبرون لتصديقها؟ مهرجان مدعم بالمال العام، مدعو على الأقل لأن يضع الفيلم المغربي في الواجهة، و أن يكرم المشتغلين محليا في القطاع.
أن تأتي بأفلام أجنبية عرضت في كل المواعيد الدولية الحقيقية و ترتكب جريمة عرضها مجددا، فهو أمر يدل فقط على أن من يقترف هذه المهرجانات لا يهمه أمر السينما نهائيا.
مهمة البرمجة في أغلب المهرجانات عندنا يتكلف بها كل عابر سبيل، و تسميات المهرجانات في الأصل عبيطة و غريبة بل و مثيرة للريبة. بين من يبيع بالمرأة، و من يتحدث عن سينما المؤلف و غير المؤلف و بقية التصنيفات البالية، و من ينال المال و يلهث وراء المال فقط. ثم هناك التكريمات، و فيها ترتكب فظاعات لا تحصى، و فيها أيضا لجوء لحلول ترقيعية و غير مكلفة. حين يتم تكريم ممثلة لم يسبق لها أن اشتغلت في فيلم سينمائي واحد حقيقي، أو أن يتم جلب أسماء عربية انتهت صلاحيتها و لم تقدم في الأصل شيئا للسينما في مشهد بئيس يتكرر في كل مرة. حين يحمل ضيوف تافهون على الأكتاف في "المهرجانات"، و تتسيد البهرجة. ما هي الأعمال العظيمة التي قدمتها وفاء عامر في السينما لتكرم عندنا؟ وما معنى أن تتم استضافة مخرج تلفزيوني عربي ليكرم في مهرجان سينمائي؟ حين تجتمع كل مقومات القبح، تغيب السينما في مواعيد تنال دعما خاصا بالسينما.
 لجنة دعم المهرجانات صار من الضروري أن توضح معايير الاختيار، و بالخصوص تفصيل طرق منحها المال العام لهؤلاء، و الوزير الجديد للقطاع مدعو لكي يعدل المرسوم الخاص بتحديد شروط و مساطر الدعم. هو مطلب قديم وعد سلفه بتنفيذه، خصوصا و أن اثنين من رؤساء لجنة دعم المهرجانات سبق لهما أن أفضيا في لقاءات ال "إف ب أم" بوجود اختلالات. مواعيد لا تخدم إلا مصالح فئة معينة، و السينما ليست سوى مطية لتحقيق مٱرب غير فنية، و شيء سماه أصحابه فيدرالية المهرجانات لم نعد نسمع عنه أي خبر. أصلا ظروف التأسيس و أسباب النزول الكاملة، سنعود إليها بالتفصيل في ركن لاحق.
بعيدا عن التعميم، هناك منظمون جعلوا من تنظيم مهرجان سينمائي حرفة لتحقيق الربح، و ضمان سفريات و دعوات لمهرجانات أخرى داخل و خارج البلاد. طرق متخلفة و قديمة، ومنظمون تعثر عليهم في كل المحافل، لا يشاهدون أحيانا شريطا واحدا، و لا تجدهم يساهمون في أبسط نقاش يخص المجال. هو زمن السينما مقابل الغذاء، وزمن مسخ فني بامتياز. سيتحركون لأنهم سيحسون بالانزعاج، و ستكون هناك تتمة لأن البدايات ليست سوى بدايات. دعوني أركز قليلا، لأخط النهاية أو النهايات المناسبة لهم.
المهرجانات الطارئة من اللازم أن تتم مراجعة المبالغ المرصودة لدعمها بالمال العام، وأن يتم الانتباه بالمقابل لمهرجانات أخرى يسيرها شباب يجتهد و يستحق الدعم.
 كفانا من مهرجانات يسيرها عجزة، رغم أن العجزة هم من حفزوني على تحريك مداد قلمي اليوم. أنا جاهز للخوض في التفاصيل، و مرحبا بإصلاح القطاع الذي أحبه في بلدي الذي أعشقه و يمنحني الحرية لأكتب بمسؤولية، و السلام.