رأي

محمد النوري: فصل المقال فيما بين تيفو الرجاء والعدل والإحسان والإخوان من اتصال

عودة إلى تيفو الرجاء وما خلفه من تداعيات وتفسيرات كلها أجمعت على أن مضمونه سياسي، بالرغم من نفي ذلك من طرف “إلتراس” الرجاء البيضاوي، سواء “غرين بويز” أو “إيغلز06″، حيث اعتبرتا هذه التأويلات ب”الفارغة”.
جريدة “الأحداث المغربية” اليوم، ذهبت إلى أن جماعة العدل والإحسان وراء ذلك التيفو الذي يشير إلى أن المغرب عبارة عن غرف تعذيب، فيما جريدة الإخوان “أخبار اليوم” اكتفت بأن التيفو استلهم الأدب العالمي من خلال رواية (1984) لجورج أوريل ووقفت عند ويل للمصلين.
لا أحد اليوم سينكر بأن كلمات أغنية “في بلادي ظلموني” لا حمولة سياسية لها، كما أن شعار التيفو له أكثر من تفسير لمضمونه ولدلالاته السياسية في البعد الذي أشار إليه الكاتب والروائي جورج أوريل والذي كان يمتح من توجهات سياسية وعدائية للشيوعية خاصة، دون أن نغوص في دلالات الأرقام التي تحيل إلى رموز ماسونية سواء الرمز101 أو 1984.
حينما نربط الأشياء ببعضها نتعرف على العلاقة السببية بين الإخوان والماسونية، على اعتبار أن جماعة العدل والإحسان هي في عمقها تنظيم إخواني وليس سلفي كما توحي بذلك جذور شيخها بالزاوية بالبوتشيشية، على اعتبار أن الجماعة تعادي النظام، خلاف عقيدة السلفيين الذين لا يخرجون عن طاعة الإمام أو الحاكم. وأنا هنا لا أتهم الجماعة ولا أبرؤها ولا أنفي أن هناك جهات أخرى وراء هذا الفعل تسعى إلى الفتنة والفوضى.
وبالرجوع إلى تاريخ التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي كانت بريطانيا وراء تأسيسه لمحاربة المد الديمقراطي بمصر، وبالتالي المحافظة على مصالحها الاقتصادية، وقد تم اختيار حسن البنا لقيادة هذا التنظيم باعتباره ماسوني، حتى أن لقبه البنا يأتي من الدرجة التي وصلها في التنظيم الماسوني وهي درجة البناء (maçon)؛ حتى كتابات بعض الإخوان الذين انفصلوا عن التنظيم لا ينفون هذا الارتباط منهم ثروت الخرباوي.. حتى عباس محمود العقاد في مقال له سنة 1942 أشار إلى الأصول اليهودية لحسن بالبنا باعتبار أن جده هاجر من المغرب إلى مصر وكانت حرفته ساعاتي وهي حرفة عرف بها اليهود في ذلك الوقت.
حسن البنا نقل التراتبية الموجودة في التنظيم الماسوني إلى تنظيم الإخوان، بدء من أداء القسم ووصولا إلى التنظيم الخاص الذي يقوم على القتل والاغتيالات، وليس غريبا أن يتهم محامو تونس حزب النهضة باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي من طرف تنظيمها السري، وكان وقتها الرئيس السبسي، قبل موته، وعد المحامين بالتحقيق في الأمر، وهو ما نفته بشدة النهضة بالرغم من كل الدلائل التي تدينها باعتبارها صاحبة المصلحة في ذلك.
على أي، أن تيفو جماهير الرجاء الذي استنجد برواية من الخيال العلمي ليس عبثا، لأن زنزانة 101 الخيالية تتجسد بصورة واضحة في رواية مغربية واقعية هي الزنزانة رقم 10 لأحمد المرزوقي، لماذا ذهب أصحاب التيفو إلى رواية من القرن الماضي وتركوا رواية قريبة منهم مكانا وروحا؟ هل الانتقال من أغنية “في بلادي ظلموني ” إلى الزنزانة 101 جاء من محض الصدفة؟ وهل مستوى التيفو يبرر الأحداث التي وقعت بعد المباراة وخارج الملعب؟ ثمة تساؤلات تبقى مطروحة ما دمنا لا نتوفر على صحافة التحقيق لمعرفة أصل وفصل كاتب أغنية “في بلادي ظلموني” ومن أوحى بفكرة الغرفة 101 ومن عمل على إخراج وتدريب حامليه، ومن هي الجهة أو الجهات التي تمول هذه التيفوات، وما علاقة نادي روطاري أو بعض أعضائه بما يقع داخل الملاعب…؟ ومن يحرك هذه التجمعات حتى ترفع شعارات معادية للدولة كما وقع مع جمهور طنجة بمدينة الحسيمة…؟ الدولة لها أجهزتها الخاصة تعرف كل شيء عن ذلك، لكن المواطنين لهم دين على الإعلام الذي يمول من جيوبهم لتبيان ما يروج وما يحاك خلف الغرف السوداء لأن الأمر يتعلق بأمنهم وبمستقبل بلادهم.
تبقى هذه التساؤلات مطروحة بشدة حتى لا تتحول السياسة من إطاراتها الدستورية إلى الملاعب الرياضية حيث يصعب ضبط جمهورها حينما يندفعون إلى خارج الملعب ويأتون على الأخضر واليابس في طريقهم.