قضايا

صحافة "البوز" وشبهة التهويل

عبد العزيز المنيعي

"ماذا يقع في تيفلت أو سلا أو الدار البيضاء... سؤال تطرحه عناوين بعض المواقع الباحثة عن "البوز" من خلال اخبار عادية جدا، متداولة ولا جديد فيها، وتكون وكالة المغرب العربي للأنباء قد عممتها في وقت سابق.
المحاولة "التهويلية" هي شبهة في حد ذاتها، لأن صاحب السؤال "يعرف أو لا يعرف"، أنه بطرحه لمثل هذه الأسئلة فإنه يجر خلفه تسلسلا لمجموعة احداث متشابهة. لكنه في الحقيقة وعند البحث في تفاصيل الخبر الذي لا يتجاوز الخمسة أسطر وفي أحسن الاحوال أربع فقرات، نجد انه من الذين يبحثون عن النقرات فقط ولا تهمهم صورة البلاد قبل هلع العباد.
السؤال الشبهة عثرت عليه في مناسبتين، الأولى بخصوص جثة سيدة بتيفلت، وكان السؤال "ماذا يقع في تيفلت؟"، والمناسبة الثانية بخصوص الطفل القتيل في قرية أولاد موسى بسلا، والسؤال نفسه طرح، بشكل مغاير في منبر أخر.
في البداية تخال الامر وكأنه استكمال لجرائم سابقة هزت المدينة او المنطقة، وان الجريمة الجديدة هي واحدة ضمن سلسلة متتابعة ومتشابهة ربما، وهو ما يصنع البلبلة ويحيل على عدم براءة طرح سؤال من هذا القبيل في عنوان، ناهيك عن أن العناوين في أبجديات الصحافة لا تشكل من الأسئلة.
لكن نحن في عالم النقرات، والمواقع التي تتلقف خبرا بسيطا عاديا، تريد أن تصنع منه حدثا ضخما، "باش"؟... بالتهويل و التضخيم على حساب صورة الوطن وهلع المواطن، وبشكل أو بأخر ضرب الجهود الامنية عرض الحائط.
ما وقع في تيفلت بعد العثور على جثة امرأة مقطعة الرأس، وقع في نيوزيلندا مثلا عندما قتل شاب عشيقته أثناء ممارسة الجنس، لكن الفرق في الصيغة وفي الاحتمال، وصحافة هناك ليست كمثل بعض صحافتنا، تطرقت للخبر بحياد وبموضوعية ودون تهويل أو تضخيم لأنها لا تحتاج إلى النفخ في الخبر بالقدر ما تحتاج إلى القيام بواجبها المهني والأخلاقي.
وعلى أصحاب تلك "المنابر" أن يطرحوا على انفسهم السؤال التالي، هل يعلمون ماذا يفعلون؟، إن كانوا يعلمون فتلك مصيبة، وإن كانوا لا يعلمون فتلك الطامة الكبرى وعلينا أن نراجع كتيب المهنة من اجل جيل خال من أعطاب النقرات والبوز..