مجتمع وحوداث

العنف ضد النساء... دراسة تستعرض نتائج سنة على تطبيق قانون 103.13

كفى بريس

بادرت فدرالية رابطة حقوق النساء الى انجاز وثيقة دراسية تتعلق بتتبع تطبيق قانون 103.13 بشان العنف ضد المرأة، أمام المحاكم بعد سنة من التطبيق.
وعددت الفيدرالية مختلف العراقيل التي تواجهها النساء في الولوج إلى العدالة، ومنها عراقيل ثقافية وقانونية وإقتصادية وإجرائية وأيضا نفسية.
وحسب دراسة الفيدرالية، التي توصلت "كفى بريس" بنسخة منها، فإنه من الناحية العملية تواجه النساء في المغرب عدة عراقيل تحول دون لجوئهن الى السلطات المكلفة بإنفاذ القانون للتبليغ عن حالات العنف التي يتعرضن لها، وهي عراقيل تتعلق في الأساس بالحق في الولوج الى العدالة، كأحد أهم الحقوق التي كفلها دستور 2011 والمعايير الدولية ذات الصلة.
وبالنسبة للعراقيل الثقافية فإنها تتمثل أساسا في موروث ثقافي يطبع مع ظاهرة العنف ضد النساء ويتسامح معها، وغياب الوعي والجهل بالقانون؛ اما ما يخص العراقيل القانونية فتتمثل في مشكل عدم وضوح الإطار التشريعي وتحميل الضحية عبء الإثبات؛ وعن العراقيل الاقتصادية قالت الدراسة انها تتمثل في ضعف الإمكانيات وغياب المساعدة القانونية والقضائية.
وتطرقت الدراسة إلى العراقيل النفسية مشيرة إلى انها تتمثل في الخوف ، وفقدان الأمل في الإنصاف نتيجة تراكمات وأفكار مسبقة وصور نمطية؛ وختمت الدراسة بالعراقيل الإجرائية التي تتعلق بسلوك بعض الجهات المكلفة بإنفاذ القانون.
وقالت فيدرالية رابطة حقوق النساء، إن إنجاز هذه الدراسة حول واقع تطبيق قانون 103.13 أمام المحاكم يأتي، "بعد مرور أزيد من سنة من دخول قانون 103.13 لمناهضة العنف حيز التنفيذ، يلاحظ أن عددا من محاكم المملكة أصدرت أحكاما قضائية رائدة في مجال محاربة العنف ضد النساء، من خلال الشروع في تطبيق تدابير الحماية، رغم الصعوبات التقنية واللوجيستيكية الموجودة".
واوردت الدراسة نموذج محكمة الاستئناف بتازة، التي أصدرت في سابقة تعد الأولى من نوعها، أمرا بمنع زوج معنف من الاقتراب من زوجته أو الاتصال بها لمدة سنة، كما قضت أيضا بإخضاعه خلال مدة سنة لعلاج نفسي ملائم على تدبير الغضب وحسن التواصل ونبذ العنف.
النموذج الثاني الذي اوردته الدراسة، هو ما قضت به المحكمة الابتدائية بوجدة بإيداع زوج معنف داخل مؤسسة للعلاج النفسي، كما قضت المحكمة الابتدائية بالعرائش بمنع ابن من الاتصال بأمه أو الاقتراب من مكان تواجدها لمدة سنة، بعدما أدين من أجل العنف ضد الأصول، كما أصدرت أوامر مماثلة في قضايا تتعلق بالتحرش الجنسي.
وأكدت الدراسة أن عدد من النيابات العمومية، إبتكرت أوامر للحماية تقوم بتطبيقها فورا قبل البت في شكايات العنف ضد النساء، خاصة في حالات الطرد من بيت الزوجية.
وسجلت الدراسة استقرار عدد قضايا العنف في المحاكم؛ ففي سنة 2017 تم تسجيل 16873 قضية، بينما شهدت سنة 2018 ما مجموعه 17103 قضايا، مفيدة بأن هذا التزايد الطفيف في عدد القضايا المسجلة في المحاكم أرجعه تقرير رئاسة النيابة العامة إلى إدراج جرائم جديدة نتيجة دخول القانون حيز التنفيذ.
وفي هذا الإطار، تمت متابعة 360 شخصا بجنحة الطرد من بيت الزوجية، و165 شخصا بجنحة الامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية، وتم تسجيل 29 قضية تحرش جنسي داخل فضاء العمل، و129 داخل الفضاء العام، و56 داخل الفضاء المعلوماتي، إضافة إلى ثلاث قضايا تتعلق بتبديد ممتلكات الزوجية بسوء النية.
وأشارت الدراسة إلى الإحصاءات المتضمنة في تقرير رئاسة النيابة العامة بشأن تنفيذ السياسة الجنائية لسنة 2018، والتي تحدد نوعية القرابة بين المرأة ضحية العنف والمعتدي، اوضحت عدة معطيات، أهمها:
*غالبية الاعتداءات التي تطال النساء في قضايا العنف يرتكبها أزواجهن، حيث بلغ عددها 10237 جريمة بنسبة تقارب 56.11 بالمائة من مجموع قضايا العنف ضد النساء، كما أن حوالي ثلث الاعتداءات التي تطال النساء، يكون مرتكبوها من الأغيار (6805 اعتداء بنسبة 37.30 بالمائة)، بينما تظل بقية أشكال العنف الممارسة من طرف الأب أو الأم أو رب العمل ضعيفة.
*أكثر من 75 بالمائة من النساء المعنفات، هن ضحايا العنف الجسدي الناتج عنه عجز مؤقت، أو ضحايا إهمال أسرة.
وأوصت الفيدرالية في دراستها، بضرورة الانتقال من التفكير في المساعدة القضائية إلى المساعدة القانونية، وتقديم خدمات أكثر أهمية للمتقاضية، خصوصا التي لا تتحدث اللغة العربية، وتوفير آليات التقاضي، من محاكم متخصصة بقضاة متخصصين وبتجهيزات تسهل الولوج للعدالة، بالإضافة إلى اعتماد المرونة في الإثبات في قضايا العنف ضد النساء، وإقرار قواعد خاصة للإثبات تراعي خصوصية الجرائم الموجهة ضد النساء.