سياسة واقتصاد

قانون مالي ترقيعي ارتجالي غير مسبوق... نقابة تهاجم المشروع وتعتبره أغرب ما عرفه المغرب

كفى بريس

إعتبرت المنظمة الديمقراطية للشغل، قانون المالية 2020، ترقيعيا وإرتجاليا وغير مسبوق، مؤكدة انه سيزيد من تفاقم الازمة وتعميق الفوارق والتفاوتات الطبقية والإجتماعية والمجالية والجهوية.
وشددت المنظمة في بيان لها، توصلت "كفى بريس" بنسخة منه، على أن قانون المالية سيقضي على الطبقة المتوسطة ـ بتخفيض الضريبة على الشركات التي تصل أو تقل أرباحها عن 100 مليون، أمام التملص الضريبي والإبقاء على مستوى الضريبة على الدخل التي يؤديها الأجراء من المصدر بنسبة 80 في المائة واقتطاعات جديدة لصندوق الكوارث الحكومية  وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور المستوى المعيشي للأسر المغربية.  عجز اجتماعي ستعالجه الحكومة بميزانية ميزانية تقشف والثقل الضريبي في الوقت الذي يواجه فيه المغرب  فجوة حادة في التنمية الإنسانية ونصيب الفرد من إجمالي الثروة.
ووصفت النقابة، القانون الذي صادق عليه البرلمان ب"أغرب قانون مالي عرفه المغرب، بصناديق شبه فارغة، بني على فرضيات غير واقعية و غير مدققة ، وأرقام مبهمة ومضللة ، وتقديرات  لا تعكس الواقع المعيشي للمواطنين ولا المؤشرات السلبية كحصيلة للسنة الجارية على مستوى التضخم والعجز وخدمة الدين."
وزادت النقابة في بلاغها، بكون القانون المالي لسنة 2020، "بني على مؤشرات ومعطيات تختلف بشكل كبير وما تعبر عنه مؤسسات دستورية ، كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنك المغرب والمجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط  والبنك الدولي ، والارتفاع المتزايد لأعباء فوائد الدين  الذي يقلل من قدرة الدولة على توجيه نفقات الميزانية  إلى مشاريع تنمية حقيقية.  حيث يتساءل الكثير من المغاربة عن عائدات وفوائد المشاريع الكبرى  على حياتهم اليومية، بالنظر لتفشي البطالة في صفوف الشباب وهزالة الأجور وارتفاع معدلات الفقر المتعدد الأبعاد ،حيث تظل عدد كبير من المشاريع دون قيمة مضافة على الاقتصاد الكلي  ودون تأثير ملموس  على حياة المواطنين، أو أن بعض هده المشاريع الاستثمارية تظل مجرد حبر على ورق ، او تطول مدة إنجازها إلى سنوات، كما هو عليه حال مستشفى عمومي بتمارة  تجاوز العشر سنوات،  ولازال لم يفتح بعد في وجه ساكنة المدينة ،  فضلا عن خلق صناديق خصوصية بميزانيات وهمية  شبيهة بمياه راكدة . وهي  معطيات تؤكد ضعف الأداء الاقتصادي وضبابية السياسة النقدية بعد عملية التعويم  التدريجي للدرهم  وارتفاع نسبة الفوائد ،وتباطؤ  الناتج المحلي الإجمالي لسنوات ، وتواضع  الاستثمارات الداخلية و الخارجية على مستوى القيمة المضافة للاقتصاد وللمالية العمومية ، حيث لا تؤدي إلى نتائج إيجابية على مستويات التنافسية العالمية أو على قدرتها على استيعاب الأيدي العاملة الجديدة ، علاوة على العجز التجاري الهيكلي ،  وفشل اغلب اتفاقيات التبادل الحر بل أثارها السلبية على تنافسية المقاولة الوطنية ،وما تعرض له النظام الاقتصادي والمالي في السنوات الأخيرة من صدمات عنيفة ،بسبب  الافراط في المديونية وخدمة الدين وصلت إلى مستويات قياسية و غير مسبوقة،555) مليار درهم، ومن المتوقع أن ترتفع مديونية الخزينة العامة  عند نهاية سنة2019  لتصل إلى %65.8 من الناتج الداخلي الخام.(وانعكاس دلك على الناتج الإجمالي وانخفاض حاد في المستوى المعيشي  للمواطنين، وتوسيع الفوارق الطبقية بشكل كبير، وارتفاع معدلات البطالة  في صفوف الشباب  إلى أزيد من 40 في المائة ، باعتبار ان 350 ألف شاب يصلون إلى سوق الشغل سنويا بالمغرب ،و ضمنهم حاملي شهادات جامعية, فضلا عن تزايد الشغل غير اللائق وغير المستدام  وارتفاع إعداد الأشخاص الدين يعملون في الاقتصاد غير  المنظم   إلى  2,5  مليون شخص بسبب قلة المناصب المالية السنوية ومنافذ الشغل القار وارتفاع الهذر المدرسي والجامعي حيث أن  43 في المائة من الطلبة يغادرون الجامعة بدون شهادة ،  عوامل ساهمت في  اتساع دائرة الفقر المتعدد الأبعاد والهشاشة : حيث أن  أكثر من %45 من المغاربة يعانون من “الحرمـــــــــــــــان الشديـــــــــد”والتقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقع %13.2من المغاربة معرضون للفقر متعدد الأبعاد، فيما %25.6 منهم يعانون من الفقر المرتبط بالصحة و %42.1 يعانون من فقر التعليم، فيما %32.2 يعانون من الفقر المرتبط بمستوى المعيشة.كما أن سوء التغذية مست 2 مليون طفل ، علاوة على تفشي الأمراض المزمنة القاتلة ، كالسرطان وأمراض القلب والشرايين والسكري  والسل والفشل الكلوي والتهاب الكبد  بشكل مخيف  ، خاصة  مع ضعف المنظومة الصحية وفشل نظام الراميد  وتحويل الصحة ومجال الأدوية الى تجارة مربحة و الصحة  والعلاج لمن له القدرة على الدفع  ،  ناهيك عن اتساع الفوارق في الأجور والمعاشات إلى أعلى المستويات في المنطقة العربية تصل الى 100 مرة الحد الأدنى للأجر المعمول به حاليا فضلا عن  ضعف الحماية الاجتماعية التي  لا تتجاوز 46 في المائة من السكان مع تزايد فئة المسنين إلى 3 ملايين شخص ،  و2 مليون ونصف من المواطنين المغاربة دوي الإعاقة وأرقام مخيفة للمصابين بالأمراض النفسية والعقلية."
واوضحت النقابة، أن القانون المالي الجديد، "لم يأخذ في الحسبان الظرفية الدولية ، ما تحيل به السنوات  المقبلة  من تحولات  ستكون لها أثار سلبية على الاقتصاد الوطني، وسط مناخ اقتصادي عالمي غير مستقر، وقابل لكل احتمالات انفجار الأزمة  خاصة مع هبوب رياح الصراع بين الدول الكبرى وأمريكا على مستوى الحماية الجمركية و الضرائب والرسوم على المواد الأولية والتصدير ،علاوة على تهديدات فرنسا بإعادة توطين بعض استتمارت شركاتها  في صناعة السيارات ومراكز الاستماع.."
وأشارت النقابة إلى أن القانون "دون توجه استراتيجي حقيقي شفاف يفضي إلى التغيير التدريجي للمنحى غير المستدام للدين العام، ويعالج المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية  التي تواجه المغربمنذ سنوات،" وحسب النقابة فالسبب أن "الحكومة اختارت مرة أخرى لغة  التدليس والترويج لأرقام بعيدة كل البعد عن الواقع، وغياب  الالتزام بالشفافية أمام الرأي العام في تقييم  السياسات العمومية، وسيناريوهات الحكومة في السيطرة على عجز الميزانية و تخفيض مستوى الديون الثقيلة باللجوء إلى سياسات الترقيع والمسكنات و انتهاك مقتضيات دستورية عبر الرقم 9 ،  رغم الآثار التي تخلفها هده المقاربات السياسية على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المختلفة  وعلى المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا التي تشغل 95 في المائة من اليد العاملة في القطاع الخاص ،  والوقوف على حقيقة  المبالغ المالية الضخمة  ومصيرها  والتي يتم تسجيلها في  صناديق خصوصية  والتي تجاوزت  75 صندوق خصوصي ، والمبالغ الضخمة المرصودة لها او تلك  المسجلة باسم التحملات المشتركة ؟ ونسبة انجاز الاستمارات العمومية؟  ومدى قدرة الحكومة على استرجاع الأموال العمومية المنهوبة والضرائب المستحقة لفائدة الخزينة ؟"
وبخصوص الضريبة، قالت النقابة إن القانون اعتمد منظومة غير عادلة  ومتقادمة، تتناقض كلية مع توصيات المناظرة الوطنية الأولى  والثانية  حول النظام الجبائي ، وفرضها للمزيد من الضرائب والرسوم   بما فيها رسوم الأبناك وفوائدها المرتفعة جدا ومضاعفة فوائدها فضلا عن استمر ظاهرة التملص والإعفاءات والامتيازات غير مبررة اقتصاديا واجتماعيا  إلى درجة أن  المغرب أصبح يصنف ضمن دول " الملاذ الضريبي" paradis fiscal    ، مقابل ذلك ظلت نسبة الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة مرتفعة  مقابل تقليص الضريبة على الشركات  التي تحقق اربحا تقل عن 100 مليون درهم ،   فالحكومة غير صادقة في  إعادة هيكلة النظام الضريبي وان الإجراءات الضريبية المفروضة ستعمّق عدم المساواة في الدخل وتؤدي إلى تراجع فرص النمو.  و تراجع نظام الدعم الذي لا يصل حقيقة لمستحقيه وفشل برامج تيسير ونظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود ... بل لازال نظام الدعم موجه أكثر إلى المستفيدين من الريع واقتصاد الامتيازات نتيجة لسوء الاختيارات وضعف الحكامة، واستمرار تفشي أمراض الفساد والريع واقتصاد الامتيازات والصفقات العمومية الموجهة وفشل مراكز الاستثمار وتعتر النظام الجهوي، والقبول الطوعي والأعمى لتوصيات المؤسسات المالية الدولية."
كما أن "مشروع قانون مالي 2020 لسنة يقوم بالأساس على هدف  الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية"، حسببلاغ النقابة، إضافة إلى انه يقوم "على التسويات والغموض وعلى سياسة عفا الله عما سلف والإعفاءات الضريبية  والامتيازات ، ومساحة محجوزة للأصحاب المصالح  واللوبيات المتحكمة في الاقتصاد و الحرية المطلقة للأسعار وإدارة بيروقراطية تتوجه أكثر إلى الأجراء والمقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا من خلال نظام ضريبي غير عادل ثقيل واستنزافي، وعجز اجتماعي كبير مزمن مقابل تضخم حجم الحاجيات والانتظارات لم تجتهد الحكومة في البحث عن خيارات وبدائل ناجعة وفعالة إلا المزيد من استنزاف جيوب  المواطنين من خلال رفع الضريبة على القيمة المضافة  والضريبة على الدخل كمورد أساسي للميزانية ، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على الطبقات المتوسطة و الفقيرة  التي تقوم فعليا بدفع ضريبة السياسات الاقتصادية الحالية ،  دون أن تشعر بأي تحسن في  مستواها المعيشي خاصة بعد رفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعار الماء والكهرباء  وأسعار المواد الغذائية والخدمات ومع عدم وجود زيادات حقيقية في الأجور لمدة 7 سنوات، تتناسب ومستوى الأسعار وزيادة التضخم خلال السنوات الماضية، نتج عنها انخفاض القيمة الحقيقية للأجور، بما يعادل 30  في المائة مع تقليص في معاشات التقاعد يصل إلى 35 في المائة ، فضلا عن الأعباء الحياتية المتزايدة بارتفاع أسعار الغداء والخدمات  خلال السنوات الأخيرة  بعد تحريرها كلية ومست أيضا خدمات التعليم والصحة والسكن وبخلقها لحالة من الركود الاقتصادي وانعكاس دلك بشكل كبير على المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا بإعلان إفلاسها وتسريح عمالها تجاوزت معدل الإفلاس 12 ألف  مقاولة في السنة وما نتج عنه من فقدان  40 ألف منصب شغل بإدخال ملايين من المغاربة تحت خط الفقر بسبب ارتفاع معدلات البطالة والعمل غير اللائق وغير المستدام والهشاشة في الشغل وارتفاع الاقتصاد غير المهيكل."
وأضافت المنظمة الديمقراطية للشغل، انها "تعتبر ان مشروع القانون المالي لسنة 2020، لم  يأخذ بعين الاعتبار الحاجيات المتزايدة للمواطنين  و لا مطالب الحركات الاحتجاجية  الشبابية والعمالية  ولا مطالب المقاولات الصغرى والمتوسطة ، في تحقيق العدالة الاجتماعية  والمجالية  من خلال نمو متوازن  وعدالة ضريبية  وتوزيع أفضل للثروة   وتحسين الأداء المؤسساتي  وإصلاح الإدارة والمالية العمومية    وتطبيق فعلي لتوصيات المناظرة الوطنية حول النظام الجبائي  والحكامة والشفافية ومحاربة  الفساد والريع واقتصاد الامتيازات  ، وإعادة النظر في البرامج الحكومية المبعثرة الأحادية  والتي تستهلك ميزانيات كبيرة دون فائدة تدكر لا على الاقتصاد الوطني  ولا في تحسين  المؤشرات الاجتماعية ،  وتطبيق فعلي للمسالة والشفافية والعدالة لبناء المصداقية وإعادة ثقة المواطن  عبر صياغة سياسات عمومية  وعلى المستوى الاقتصاد الكلي وتدبير المخاطر وتعزيز فاعلية القطاع العام."
وجددت النقابة وصفها للقانون المالي ب "ترقيعي"،  قد "يساعد على  ربح الوقت  ولكنه لا يؤشر عن التزام حكومي صادق بالإصلاح الهيكلي للاقتصاد  والمالية العمومية  ومعالة العجز الاجتماعي المتراكم والمزمن ، ولن يتمكن من خفض نسبة الدين العام  ولن يتم تحقيق معدلات نمو أعلى للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ولا التخفيف والحد من العجز الاجتماعي ومحاربة أمراض الفساد والريع واقتصاد الامتيازات والصفقات العمومية الموجهة نظرا لعدم وجود رؤية تنموية بعيدة المدى في إطار نموذج تنموي جديد، يهتم بإنجاز نتائج حقيقية على الأرض يكون المواطن فيها هو المحور الأساس وتجاوز المقاربات الاقتصادية والمالية الكلاسيكية المتمثلة في الاعتماد أكثر على الاستيراد والاستهلاك بدل الإنتاج."
فالمغرب في حاجة إلى إجراءات وقرارات سياسية واقتصادية فعالة، تؤسّس لنظام عدالة توزيع الثروة وإقرار ضريبة على الثروة، وسيادة دولة القانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية، وتنفيذ الإصلاحات السياسية التي نص عليها دستور المملكة . ومواجهة مختلف  التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئة  التي تعرفها بلادنا ، فعلى صناع القرار الحكومي، إعادة النظر في المنظومة المالية الكلاسيكية و اعتماد التنوع وتطوير الأعمال ودعم القطاع العام  وعدم الاكتفاء بانتظار  بالاستثمار الخارجي ، و ضرورة التوجه نحو الاقتصاد المعرفي الذي أصبح ضرورة في مفهوم الاقتصاد الجديد، عن طريق تنويع مصادر الإنتاج  الصناعي  وزيادة الصادرات ورفع كفاءة وإنتاجية الفلاحي والاكتفاء الذاتي لضمان الأمن الغذائي والمائي  وإنشاء شركات جديدة عمومية  وتطوير التكنولوجيا، وتأميم الشركات الإستراتيجية كشركة سمير لتكرير النفط والمحروقات واتصالات المغرب..... وإلغاء اتفاقيات التبادل الحر او مراجعتها باعتبار انها تشكل منافسة للشركات المحلية واحد عوامل إفلاسها. والتسريح الجماعي للعمال المغاربة .
فمن الضروري  تطبيق برنامج إصلاحات جريء وجذري يهدف القطع مع الريع والفساد ويحفز القطاع العام ومجالاته الإستراتيجية ،  واعتماد اقتصاد تضامني ، يحقق نمو متوازن يشمل كافة فئات المجتمع وتقليص الفوارق الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر هشاشة وخلق فرص الشغل للشباب من خلال بناء مهارات القرن الحادي والعشرين الجيدة، وتوسيع فرص الإدماج الإنتاجية للفقراء، والاستفادة من الحلول الرقمية،وتعميم الحماية الاجتماعية بتوحيد صناديقها في صندوق واحد،لتحقيق  التغطية الصحية الشاملة والتقاعد الشامل  وتطبيق الحقوق الإنسانية للأشخاص دوي الإعاقة ودوي الاحتياجات الخاصة بلق تعويضات مباشرة ،وتطوير النظام الجبائي وفقا لتوصيات المناظرة الوطنية 1و2 ،  وتطوير وتنمية المنظومة التعليمة و تأهيل المستشفيات  العمومية  وتحقي منظومة دوائية وطنية ، وربط الجامعة بمحيطها وحقول المعرفة الجديدة وتشجيع البحث العلمي على أساس ان  ينعكس  كل ذلك على تنمية رأس المال البشري ويساهم في التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمة والإنسانية والبيئية  ويحقق العدالة الاجتماعية وتكافئ الفرص والاستفادة الجماعية من ثمرات النمو وخيرات الوطن  .