على باب الله

جيب أفُومِْ أو كُولْ

المصطفى كنيت

البلاغة هي فن الخطابة، و لا أظن أن عبدالإله بنكيران أدرك هذا الفن فبالأحرى أن يتقنه ، لأن خطاباته ظلت دائما أقرب إلى التهريج، وتفتقر إلى الفصاحة.

و أستغرب أن يُصنف كلام بنكيران عن "التماسيح والعفاريت"، و "رضا الله والوالدة..."، و " وديالي كبير عليك"، والثريات، والشموع التي ذابت على نار "القنديلات"، أو تشكيكه في دين الناس، و ما جوارها من كلام، ينطبق عليه المثل الشعبي: " جيب أفوم أكول"، في خانة فن الخطابة.

غير أن الانحطاط الذي بلغه البحث ( العلمي) في الجامعة المغربية، أصبح يستوعب كل التفاهة، فانتشرت الأطروحات التي تتناول قواعد الاستنجاء و مبطلات الوضوء إلى البلاغة ( المفترى عليها) في الخطاب السياسي لبنكيران، الذي لا يملك خطابا سياسيا أصلا، بل مجرد مهرج جادت علينا به مرحلة ما بعد 20 فبراير أو ما سُميّ بـ "الربيع العربي" المفترى عليه، فكان لزاما أن نقنع بهذا النبات، لأنه على رأي المثل الشعبي: " ربيع الوقت تا يترعى"، و أن نتحمل مرارة مضغه.

طبعا ليس لنا الحق في الحكم على أطروحة لم نطلع عليها بعد، وأرجأت العمادة مناقشتها، غير أن هذا لا يمنعنا من التشكيك في امتلاك الشخص، الذي اختارته موضوعا للبحث، الكفاءة التي تعجله ينتج خطابا سياسيا، ولو من باب التجاوز.

فمنذ أن طفا بنكيران على السطح، و ظهر على الساحة، بعد أن ساقته الظروف سوْقا لممارسة السياسية، متخفيا في جبة الدكتور عبد الكريم الخطيب، و محتميا بتلابيب إدريس البصري، بعد أن انسل من تنظيم الشبيبة الإسلامية، التي اغتالت الشهيد عمر بنجلون، لم ينتج بنكيران خطابا سياسيا واضحا، بل إن كل ما صدر عنه، هو مجرد براويل أي حبّات  قصيرة أو ما يسمى بـ "بومقلاع" في تراثنا الغنائي من دون أن تغيب علينا وظيفة "المقلاع"،  والتي هي رمي الحجارة، و تلك مهمة كان بنكيران  يجيدها لدفع خصومه إلى الإذعان والتسليم، لكنه لم ينجح فيها في كل مرات، وأقصى ما أنتجه سي عبدالإله هي بعض السواكن من أجل تحريض "إخوانه" و " أخواته" على الجذبة كما فعل في قضية عبدالعالي حامي الدين عندما رفع شعار: " لن نسلمكم أخانا"..

أما فن الخطابة، الذي يقوم على " الأفكار المليحة الرائقة"، و "المعاني اللطيفة الدقيقة" و التي  " تكون مستجلبة لبلوغ غرض المخاطب بها" ( ابن الأثير)، فلم يرق لها بنكيران.