قضايا

الصحة ليست سلعة

جواد مبروكي

الصحة أمر يهم المجتمع بأسره، وكل مواطن مسؤول عن رفاهية جاره ويجب أن يكون فاعلاً اجتماعياً حقيقياً. الصحة ليست سلعة، دعونا نتغير ونُغير مجتمعنا ووطننا!.

نعلم جميعًا أن بلدنا يعاني من أزمة صحية ناجمة من ناحية عن الركود في القطاع العمومي وارتفاع التكلفة في القطاع الخاص من ناحية أخرى. والمواطن هو الذي يدفع الثمن وغير قادر على الحصول على العلاج ويموت في معاناته.

ونعلم جميعًا أنه لكي يفي قطاع الصحة العمومي بتوقعات المواطنين، سيستغرق ذلك عقودًا. وللتعويض عن هذا النقص أقترح مجموعة من الحلول بحيث يكون القطاع الخاص شريكًا لوزارة الصحة العمومية لمدة 10 أو 15 عامًا، حتى يتمكن كل مغربي من الاستفادة من الرعاية الصحية بغض النظر عن مستواه الاجتماعي والاقتصادي. وهذا الاقتراح مستلهم من تجربتي وخبرتي المهنية بالأراضي الأوروبية والمغربية، والتي تناهز 20 سنة.

وغني عن القول إن مهمة الطبيب في القطاع العمومي والخاص هي قبل كل شيء مساعدة وعلاج كل المواطنين، وكلاهما مسؤولان عن هذه المهمة النبيلة بشكل متساو. ولهذا لا بد لقطاع الطب الخاص أن يساهم في تسوية وضعية الصحة للجميع، ويضع أمامه أولا خدمة المواطن قبل المقابل المادي. ولكن لا بد من تغييرات ضرورية لتحقيق هذا الهدف، لأن الطبيب في القطاع الخاص لا يضع جميع أرباحه المالية في جيبه، بل يتقاضى رسومًا وضرائب ضخمة تتراوح بين 50 إلى 70٪ لكل خدمة طبية على عكس الطبيب الموظف في المؤسسات العمومية.

والحل واضح، إذا تم تخفيض تكاليف القطاع الطبي الخاص إلى 0 ٪ يُمكن بالفعل تخفيض أثمان الاستشارة الطبية بنسبة 50 ٪ على الأقل. وإذا لعب كذلك الطبيب دوره كمواطن مسؤول، ووضع أولا خدمة المجتمع قبل المال، فيمكنه أيضًا المشاركة عن طريق تخفيض أتعابه بنسبة 10 أو 20٪. وهكذا، في نهاية هذه العملية، لن تتجاوز تكلفة الخدمة الطبية أو الجراحية 30٪ من التكلفة الحالية. وإذا تحقق على الأرضية هذا البرنامج فسوف نقضي على "نّْوارْ" في ممارسة الطب، ولن يرى بعد هذا أطباء القطاع العام مصلحة مادية في الاشتغال في "نّْوارْ" بالقطاع الخاص.

ولتحقيق هذا الهدف أقترح بعض الحلول على وزارة الصحة كالتالي:

1- عملية "دراهم المحبة والوحدة".. درهم واحد كل يوم من طرف كل مواطن

على سبيل المثال أقترح وضع صندوق في كل زنقة عند البقال وداخل المسجد لجمع هذه التبرعات، ويُعين من طرف السكان في كل حي أشخاص لحصد التبرعات شهريا.

2- عملية "مستشفيات من القلب إلى القلب"

يمكن تكوين جمعية وطنية تحت إشراف الدولة لجمع الأموال من الأغنياء، وكذلك لتسيير عملة "دراهم المحبة والوحدة" لتشكيل صندوق من أجل الرعاية الطبية والجراحية للمحتاجين.

3- الإعفاء من الضرائب والرسوم

يدفع القطاع الطبي الخاص مبالغ ضخمة من الضرائب والرسوم التي تُجبر هؤلاء الأطباء والمصحات على رفع الأتعاب.

4- الإعفاء من تكلفة كراء العيادات الطبية

يمكن أن يصل الإيجار الشهري للعيادة الطبية، حسب المدينة والحي، إلى مبلغ خيالي يتجاوز أحيانًا 6000.00 درهم شهريا. ونظرًا إلى أن الصحة مسألة اجتماعية لصالح جميع المواطنين، يجب على كل من الملاك والدولة المشاركة في هذا الإعفاء من الإيجار.

مثلا في حالة قيام المالك بتأجير عدة شقق أو عمارة بأكملها، فيمكنه إعفاء عيادة طبية من إيجارها، وبالتالي يشارك في هذه العملية الجماعية والاجتماعية والوطنية.

وفي الحالة التي تكون للمالك شقة واحدة فقط يأجرها للطبيب ويكون إيجاره هو دخله الشهري الوحيد، يمكن للدولة بالتالي تغطية هذا الإيجار لصالح العيادة الطبية وبالتالي لصالح المواطنين المرضى.

أو توفر الدولة للأطباء في القطاع الخاص أماكن مجانية لفتح عيادتهم، كما هو الحال بالنسبة للمراكز الصحية في مختلف المناطق.

وبالنسبة للمصحات يجب على البنوك، وخصوصا البنوك الإسلامية، المشاركة في منح قروض بدون فوائد.. والأمر نفسه ينطبق على الشركات التي توفر المعدات الطبية لكل من المصحات والعيادات.

5- الإعفاء من رسوم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للموظفين

فقط بالنسبة لعيادة طبية تشغل عاملين يمكن أن تصل تكلفة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى 2000.00 درهم شهريًا. لذلك دعونا نتخيل تكاليف المصحة التي تشغل العشرات من العمال. لهذا سوف يساهم الإعفاء من هذه الرسوم في خفض تكلفة الاستشارة الطبية وأيام الاستشفاء بالمصحات.

6- دعم المواطنين المستفيدين من برنامج المساعدة الاجتماعية "راميد" بنفس طريقة دعم القطاع العمومي

إذا تم قبول هذا الاتفاق من قبل وزارة الصحة، فيمكن لمصحات وعيادات القطاع الخاص رعاية المرضى المستفيدين من "راميد"، وتقوم الدولة بسداد التكاليف بنفس الطريقة المتبعة في المستشفيات العمومية.