قضايا

البحث عن "النضال"

عبد العزيز المنيعي

لا نذكر الرواية ولا كاتبها مع الأسف، لكننا نذكر بطلها الذي كان موضوع سخرية الكاتب طيلة فصول الحكاية... البطل كان يفعل كل شيء وأي شيء فقط من أجل أن يتم اعتقاله، وأن يصنف مناضلا كبيرا مر بظروف الاعتقال. كان يحتج ويصرخ ويكتب بل يسب ويشتم أيضا، كما كان يخرج إلى الشارع وحده يرفع لافتة ويردد شعارات ويهيم في الشوارع... بطل الرواية كان كلما رأى تجمعا ظنه وقفة احتجاجية فينخرط فيها ويدخل المعمعة حتى ولو كان الجمع قد التأم من اجل "زردة"... بطل الرواية بلغ به الامر أن ذهب إلى أقرب مركز للشرطة وطلب اعتقاله، ورغم ذلك لم ينل مراده..
لكن الحقيقة أن ذلك البطل الروائي الذي اخترعه خيال كاتب، كان بمثابة تنبؤ بولادة "مناضل" من طينة هذا البطل الورقي... إنه حسن بناجح، "قيادي" في جماعة "العدل والإحسان"، "قيادي نموذجي" جدا، فلديه قدرة عجيبة على الاختفاء، يقول قوله ولا يتعرض لأي اعتقال، أو مجرد استفسار من الجهات الامنية... هذا البطل الظلامي الورقي، يسعى جاهدا لأن ينضم إلى "أبطال النضال"، فهو يكتب وينتقد ويصرخ ويصرح، بل حتى أنه ذات مرة افترش الطريق و"تمغّط" فوقها مدعيا تعرضه لإعتداء..
في كل مرة يرمي بناجح، الفاشل في الالتحاق بركب المعتقلين، كلماته عبر حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، أحدثها الوسم الذي نشره "لا للدولة البوليسية..الحرية لولاد الشعب"... ويبدو انه عندما كتب تدوينته كان يغني مع "رباعة الكناوي"..
هنا والأن ومن خلال هذه التدوينة يتضح جليا أن بناجح، ناجح جدا في إثارة الشفقة عليه وعلى جماعته التي طالها برد النسيان وهمشتها الاحداث الوقائع، وأذابت شموعها شمس المغرب المشرقة على الدوام..
هنا و الان وقبل الان، نعرف أن بناجح يريد لنفسه هالة جديدة، وعمامة مزركشة بألوان الشهرة، يريد أن يشار إليه بالبنان على أنه مناضل صنديد ولا يخاف قول "الحق"... لكن لسوء حظه رمته قرود التاريخ بالبنان الحقيقي أي الموز وقريبا قشرته ستوصله إلى أقرب هاوية من خلال "زلقة" كبيرة ستدخله كتاب الأرقام القياسية كأسرع "زلقة" في التاريخ..