قضايا

النصب باسم الدين

عبد الرحمان شحشي

من أخطر عمليات النصب التي يتعرض لها المرء في حياته هي أن ينصب عليك شخص ما باسم الدين، أيا كانت الديانة، لأنك بكل بساطة تنساق للرب، ولكن النصاب المتحدث باسم الله وبآياته مخادع ماكر يوظف الشريعة السماوية ليوقعك في شـراك وحبال خبثه ومكره لتحقيق مآربه الدنيوية الدونية.

وأكبر عملية نصب وخديعة تعرض لها الشعب المغربي الأبي في تاريخه العـــريق هي نصب أحد الأحزاب المغربية، الذي استعمل الدين الإسلامي كمرجعية إيديولوجية للوصول للسلطة السياسية كهدف سياسي نهائي وليس كهدف أخلاقي.

وإذا كان هذا الفاعل السياسي قد تربى في أحضان الحركة الإسلامية المغربية، وأن مريديه انتقلوا بين جناحي التطرف والإصلاح والجهاد والدعوة، فإن سنة 2011 كانت فرصة لاكتساح المقاعد البرلمانية وتوظيف الأدوات الديمقراطية، التي يكفر بها، للوصول للحكومة. وذلك في أكبر عملية سرقة ونصب لما تبقى من رصيد الرأي العام المغربي الذي من طباعه التسليم والإيمان بالمقدس واحترام الخطاب والخطيب الديني، هكذا تم النصب على الشعب المغربي عبر خطاب ديني ملتبس شعاره "المصباح" المقتبس من القران في رمزية لمحاربة "الظلام" في إشارة إلى الفساد والاستبداد.

إن المخيال السياسي والسلوك الانتخابي عند المغاربة ومن خلال تجاربه مع الأحزاب السياسية لعب دورا مهما في إرادة تجربة هذا الطيف الجديد الذي استعمل في خطابه السياسي بعض المفاهيم التي يحترمها المغاربة كـ"المعقول" والكلْمة" اللتين تعنيان الالتزام الأخلاقي والمعنوي وهو ما أوقع الناخبين في الغلط، ولكن في السياسة ليس هنا لا معقول ولا التزام أخلاقي ولاهم يحزنون بل هناك مكر وخديعة وتحقيق للمصالح.

لقد ظهر مريدو الحزب كمدافعين شرسين عن الشريعة والدين وتجلى ذلك من خلال أعمال العنف المصاحبة لشبيبة الحزب عبر قطاعه الطلابي بالجامعات، ذهبت إلى حد تكفير باقي المناضلين، بل إلى إقامة محاكمات قروسطية، وفي هذا مصادرة للحق في الاختلاف، كما أظهر بعض البرلمانيين التأفف والضجر من عدم احترام الحريات الفردية للآخر – قضية الصحافية في البرلمان.

ومن هذا المنطلق ظهر الحزب وكأنه يدافع عن الإسلام في دولة الكفر، بل أمعن في تصوره وبدأ في مراجعة المناهج التعليمية من مقررات وبرامج، فلولا صحوة المجتمع المدني لكانت ستقع الكارثة العظمى وهي بث روح التفرقة بين المغاربة وزرع بذور الكراهية والفتنة.

إن عملية النصب باسم الدين عملية قديمة قدم الإنسان، مارسها زعماء القبائل البدائية والكهنة، أما وأن ينتصب اليوم في مغرب الألفية الثالثة "حزب" ينافح عن الدين ويمارس السياسة فهذا يتناقض مع الدستور والقانون.

*جامعة الحسن الأول – كلية الحقوق بسطات