رأي

محمد اللقماني: مؤتمر برلين أو كلام الليل الذي يمحوه النهار !

مؤشرات فشل مؤتمر برلين حول ليبيا، كانت واضحة قبل انعقاده لأسباب معروفة، لأن القوى الكبرى المجتمعة في العاصمة الألمانية أهدافها واضحة و هي ضمان تسوية عسكرية لعدم المس بحصتهم في النفط الليبي. أما دماء الليبيين، فلا قيمة لها. لذلك لم يكن حضور المغرب مرغوب فيه، لأنه لو حضر سيفرض اعتماد اتفاق الصخيرات كمرجع أساس في أية تسوية ممكنة بين الأطراف الليبية، و هذا ما لا يرغبون فيه، فاتفاق الصخيرات أصبح شبحا مخيفا من شأنه أن  يحرم القوى المتصارعة من حصتها في الفريسة الليبية. و معلوم ان اتفاق الصخيرات اتفاق داخلي ليبي- ليبي برعاية مغربية من أجل حقن الدماء و بناء الدولة و إعادة إعمار البلاد،  و فوق ذلك حائز على اعتراف أممي.
ألمانيا ارتكبت خطأ بعدم دعوة المغرب، و هي التي لا تفوت فرصة في مدح المغرب و الثناء عليه في التعاون الثنائي الامني و الاستخباراتي في محاربة الإرهاب، و حل المشاكل العويصة للهجرة التي تقض مضجع أنجيلا ميركل و كافة أروبا.
أما مبرر أن المغرب غير معني لكونه غير مجاور لدولة ليبيا و أنه محايد، فهذه دفوعات واهية بدليل حضور بعض الدول البعيدة عن ليبيا في المؤتمر. بل حتى جامعة الدول العربية و الاتحاد الإفريقي كان حضورهما فولكلوريا  لا أكثر. أما ما يجب التذكير به هو أن بعد اتفاق الصخيرات، تلقى المغرب طلبا ملحا من الحكومة الشرعية بليبيا من أجل مساعدتها على إعادة إعمار البلاد و بناء أسس الدولة الجديدة، فضلا عن مساعدة الأطراف الليبية في الاستفادة من تجربة المغرب في الإنصاف و المصالحة. و المغرب طبعا لم يتأخر في الاستجابة و نزل بكل ثقله، و غامر بمصالحه بعد ابرام عقود استثمارية مهمة، صناعية و تجارية و مالية في هذا البلد الشقيق، و لا يمكن لهذا المجهود أن يذهب أدراج الرياح.
و في جميع الاحوال، دولة ليبيا توجد على مرمى حجر من حدود المملكة المغربية، و المخاطر  المحتملة متعددة. و لعل هذه الأسباب لوحدها كافية للقول بأن المغرب معني بالملف الليبي، سواء بمؤتمر برلين أم بدونه.