على باب الله

قبر حياة بحجم " فيلا"

المصطفى كنيت

فاق عدد الوعود بالاستفادة من قطع أرضية لبناء "فيلات" عدد البقع المخصصة لهذا السكن الراقي، و عدد أشجار " البيرول" نفسها التي وضع المجلس البلدي للرماني و شركة "العمران" يدا في يد من أجل قطعها، الأول لغاية انتخابية لا علاقة لها بإيواء 54 عائلة من سكان دور الصفيح تقطن خارج المدار الحضري، والثانية من أجل رفع رقم معاملاتها ولو على حساب اجتثاث المجال الأخضر في بلد احتضن "كوب 22" وانخرط ملكه، بكل شجاعة، في معركة حماية البيئة.

و يبدو أن الكثير ممن يتسابقون إلى تسليم بطائقهم خلسة، ستصيبهم الصدمة، بعد اجتثاث الغابة، لأنه لن يكون بمقدورهم تسديد الأقساط ل " العمران" التي تتخصص في المضاربة في العقار، لشراء " قبر الحياة" بعد أن تكون أشجار البيرول قد نُفّذ فيها حكم الإعدام، و أصبحت مجرد حطب يحترق في الأفرنة، كما ستخترق قلوبهم ( إن كانت لهم قلوب يعقلون بها)، تماما، على ضياع الغابة و البقعة الأرضية معا بعد أن صدقوا الوعود ما قبل الانتخابية.

و ستحتاج الرماني إلى عشرات السنين، إذا ما تمت إعادة توطين الأشجار، لكي تنمو و تزهر، بعد أن يكون الذين قرروا قطع الأشجار اليوم، والذين تواطؤا معهم بالصمت أو بوضع "المكياج" للمشروع،  ضيعوا الموعد مع الطبيعة الخلابة لقرية يريدون تطويقها اليوم بالخرسانة المسلحة، لأن لهم في ذلك مآرب انتخابية.

و لو أن الناس يتابعون فضائح الشركة "العمران"، لرفضوا وضع بيضهم في سلتها، فقد انفجرت هذه السنة بقلب البرلمان فضيحة مشروعها في الداخلة، حيث تم توزيع 366 قطعة أرضية بطرق غير شفافة على المقربين والسماسرة الذين أعادوا بيعها، وجنوا هامشا مهما من الربح، مقارنة مع الثمن الحقيقي الذي سوقت به “العمران” منتوجها، خارج المساطر القانونية.

نفس الحكاية تريد أن تعيد نفسها اليوم، و قد حدثت قبل ذلك في تجزئة "الصنوبر" التي أنجزها "العمران" بنفس المدينة.

لذلك لا غرابة أن يصمت الذين يريدون ممارسة "السمسرة" باسم توسع المدينة، والذين يحرصون على  استقطاب أصوات الناخبين باسم إعادة إيواء سكان دور الصفيح، لأنهما وجهان لعملة واحدة.

لكن "مجزرة" غابة "البيرول" لن تمر بصمت، ولن يتم دفن الأشجار في المقبرة، لأن "الأشجار تموت واقفة".