رأي

عزيز لعويسي: في الحاجة إلى "نموذج حزبي جديد"

في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون "المؤتمرات الحزبية" فرصة لممارسة تمارين الديمقراطية، وما يرتبط بها من مسؤولية وانضباط والتزام، تحولت هذه المؤتمرات في الكثير من الأحيان، إلى ممارسة العبث وإحداث الفوضى والقلاقل والنعرات، بل وفرصة للتطاحن والتصادم والمعارك الخفية والمعلنة، والتراشق بالصحون والكراسي، و"البلطجة" وتبادل الضرب والجرح والتهديد بدون خجل أو حياء، وكلها تصرفات وممارسات تعكس بما لا يدع مجالا للشك، ما أصاب أحزابنا السياسية من ضعف وهوان، بعيدا كل البعد عن العمل الديمقراطي الرصين، وما يرتبط به من التزام وانضباط وتدبير جيد للخلافات واحترام الأفكار المضادة والاحتكام لصناديق الاقتراع والإصغاء إلى نبض القواعد.
والمتأمل لحالات الفوضى التي تكون مؤتمرات الأحزاب مسرحا لها - مع وجود الاستثناء - يخرج بانطباع وحيد وأوحد، في كون "السياسة" أو من يريد "اقتحام" السياسة، يجب أن يتملك كفاية "تخراج العينين" وملكة "قصف الخصوم" وجرأة "الضرب تحت الحزام" و مهارة إثارة القلاقل وتحريك النعرات"، إن اقتضى الأمر ذلك، أما من يتملك أخلاقيات السياسة ويتحلى بمبادئ الالتزام السياسي وبروح المسؤولية، فنرى أن واقع الحال، يقتضي، إما تملك أسلحة "العبث" و "الانحطاط"، أو مغادرة معترك السياسة بعنفوان وكبرياء، وفي هذا الصدد، فما بات يخترق المشاهد الحزبية من ممارسات، لا يعري فقط، عن سوءة الأحزاب السياسية المأسوف على حالها، بل ويكرس فقدان الثقة في الفاعلين السياسيين، ويعمق الإحساس الجماهيري بعدم جدوى السياسة، ويبعد المواطنين قسرا عن الممارسة السياسية.
 وبهذه الوضعية المقلقة، يصعب الرهان على "النموذج التنموي المرتقب"، ما لم نكسب -أولا- رهان "تنمية الأحزاب السياسية"، وهذا الرهان يمر قطعا عبر تملك "نموذج حزبي جديد" يقطع مع "النموذج القائم"، يتأسس على أحزاب "مواطنة" و"مسؤولة" و"ديمقراطية"، تقطع مع ممارسات العبث وهواجس الصراعات الخفية والمعلنة، سعيا وراء المصالح السياسوية الضيقة، بعيدا عن قضايا الوطن وانتظارات المواطنين، من حقنا كمواطنين، أن نحلم بأحزاب سياسية تعطي للسياسة معنى وللديمقراطية مغزى، تتبارى بالأفكار الرصينة وتتنافس بالبرامج الصائبة، القادرة على انتشالنا من أوحال الارتباك التنموي، من حقنا كمواطنين، أن نتنفس هواء سياسي نظيف، ينسينا ما يعكر صفو حياتنا من "تلوث" سياسي، يحرمنا قسرا، من الحلم المشروع بالمغرب الممكن، وقبل الختم، نؤكد أننا لا نجلد حزبا دون آخر، ولا نرمي الورود أمام حزب دون آخر، وليس لذينا أي انتماء سياسي أو حتى نقابي، من شأنه أن يتحكم في رؤيتنا ويكبح جماح قلمنا، فكل أحزابنا بدون استثناء، تعاني "الخلل" بدرجات ومستويات مختلفة، ونرى أن اللحظة، تقتضي استحضار الوطن، وتملك "الجرأة" و"الشجاعة" في تشخيص بؤر "الخلل" و"الارتباك"، بشكل يؤسس لنموذج حزبي جديد، بدونه يصعب الرهان على أي "نموذج تنموي"..
Laaouissiaziz1@gmail.com