رأي

رشيد غالمي: المعلمة التي لقنت زوجتي درس الصورة

هنا جنيف، داخل مطعم شعبي سويدي الأصل لا فرق بين مهندس او عامل نظافة او حتى ناخب فيدرالي. مطعم بطبيعة خاصة صور للمأكولات تقصي النادل، تختار الوحبة، يقدمها لك طباخ المطعم وانت من تخدم نفسك بنفسك.
على الطاولة ونحن نتناول وجبة الغداء  جذبنا الحديث الى الماضي التليد، نلتهم اللقمة ونجتر ذكريات محفورة، منها الجميلة ومنها الحزينة ، رجع بي الزمكان وسافر بي "الفلاش باك" إلى لحظات وجيزة. وجدنا انفسنا نتذكر ايام الدراسة، تذكرنا الاصدقاء وتذكرنا معلمينا. و لأننا درسنا في مدرسة واحدة علمت ان معظم من درس زوجتي درسوني انا ايضا.
بينما أنا منشرح بالحديث عن الذكريات وعن شغبي الجميل، شهقت زوجتي عميقا ، خيل لي وكأنها تكبح جماح ذاك الشغب الذي إجتررته ، سكت وسكتت  فتكلمت بحرقة.
تروي زوجتي قصتها مع معلمتها، تحكي وعيناها لا ترمش، تحكي عن شهور وهي تتعرض للعقاب من معلمتها من أجل صورة شخصية لها تخص ملفها المدرسي ، حينداك لم يكن للتصوير الرقمي مكان وحيث كنا نسكن مدينة صغيرة لم يكن بها ما يعرف باستوديو التصوير الا اثتان . كان لابد للمصور ان ينتقل الى العاصمة من أجل تحميض الفيلم واستخراج الصور.
حظ الزوجة انها  التقطت لها اول صورة من الفيلم، ولابد لها ان تنتظر حتى ينتهي المصور من التقاط ست وثلاثون صورة ثم الذهاب الى العاصمة من اجل التحميض واستخراج الصور.
حظ زوجتي العاثر، ان الفيلم احرقته آلة التصوير، وكان لزوما عليها التقاط صورة أخرى.
تحكي زوجتي والدموع تكاد تغالبها، كل يوم على الساعة الثامنة صباحا تناديها المعلمة اين الصورة ، فيكون الجواب مازال المصور لم يستخرجها. الفت زوجتي ان تمد يدها لمسطرة من حديد شهور وهي على هذا المنوال. الفت الاسطوانة، اصبحت مثيرة للشفقة امام زملائها ولربما حتى المسطرة الحديدية.
وفي يوم طفح الكيل وبلغ السيل الزبى أخبرت والدها رحمة الله عليه عن التنكيل والتعسف الذي تتعرض له من طرف المعلمة . كان تصرف الاب حكيما لم يذهب عند المعلمة كما يفعل الاخرون شكاها لرئيسها . في اليوم الموالي لم تناديني المعلمة. ولم أمدد يداي للمسطرة الحديدية  هكذا  ختمت قصتها بابتسامة حزينة..
*ممثل مسرحي مغربي