تحليل

مغالطات المشارقة في هزيمة الإسلاميين المغاربة

عبد الوهاب رفيقي

منذ يومين وأنا أقرأ مقالات وتحليلات لكتاب و مثقفين من تونس ومصر والخليج عن السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية، كمية رهيبة من المغالطات، وتحليلات أبعد ما تكون عن الواقع, تشبيه النظام في المغرب بالسيسي في مصر وقيس سعيد في تونس وأحيانا حتى بنظام العسكر في الجزائر، تشبيه العدالة والتنمية بالإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس، تشبيه الأحرار بالأحزاب الليبرالية الكلاسيكية المدافعة عن الحريات الفردية ، لا يريدون أن يستوعبوا أن المغرب قد أسس تجربته الخاصة في نظام الحكم ، لا فيما يخص شكل الدولة الدينية الأقرب إلى المدنية، والدولة المدنية الأقرب إلى الدينية، ولا فيما يخص حركات الإسلام السياسي التي ولدت ونشأت تحت الرعاية والمراقبة، ووظف جزء منها لحل أزمات سياسية، أو تمرير قرارات لا شعبية، ولم تك يوما معارضة للنظام ولا مناضلة لإسقاطه، ولا ذاقت يوما طعم سجونه…

مراجعات الإسلاميين المغاربة متقدمة أيضا على غيرها من الدول الأخرى، والمغاربة حين عاقبوا العدالة والتنمية عقابا شديدا وحق لهم، لم يعاقبوه لأنه كما يظن بعض المشارقة فرع لتنظيم الإخوان المسلمين، بل لأنه أحبط آمالهم في تحقيق ما كانوا يرجونه منهم من تشغيل المعطلين وتقديم خدمة تعليمية وصحية ملائمة، عاقبهم لأنه مكنهم من فرصتين لتحقيق ما رفعوه من وعود في محاربة الفساد والمفسدين، لكن دار لقمان بقيت على حالها، بل حتى لو أن بعض المغاربة وهم قلة عاقبوا الحزب بسبب الأيديولوجية، فليس لأن الحزب كان متشددا في فرض إيديولوجيته، بل على العكس، لأنه على عهد حكومة العدالة والتنمية ارتفعت مداخيل الكحول، و كان التطبيع مع اسرائيل، و قننت زراعة الكيف، فعن أي إسلاميين يتحدثون؟…

لذا من حق المغاربة أن يعاقبوا العدالة والتنمية لأنه خذلهم ولم يكن في مستوى تطلعاتهم، وعلى الحزب أن يعترف بكل شجاعة بهزيمته، وأن يطلق مسلسل المراجعة، من حق المغاربة أن يختاروا ما شاءوا من الأحزاب يمينا ويسارا، لكن رجاء أيها المشارقة، كل شيء عندنا هنا مختلف، النظام مختلف، الإسلامي مختلف، اليساري مختلف، اليميني مختلف، فلا تصفوا حساباتكم مع أي جهة بالركوب على سقوط ما كان منتظرا ومتوقعا وإن لم يكن بكل هذا الحجم، لحزب العدالة والتنمية.