قضايا

قراءة سريعة في هيكل الحكومة المغربية الجديدة

عبد الرحيم الفارسي

لا تغيير في بوصلة الأمور السيادية. وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت، ونظيره في الخارجية ناصر بوريطة باقيان في منصبهما.

جهات مجهولة شنت في الآونة الأخيرة حملة شعواء في مواقع التواصل الاجتماعي حذرت فيها مما وصفتها ب"المنزلقات التي يضع فيها بوريطة المغرب" في علاقته مع المحيط القريب شرقا وشمالا.

لكن بوريطة باق وبمزيد من الإصرار، ومقصه الحاد أمام القنصليات سيستمر في إصدار الضجيج والإزعاج لمن ظل يقض مضاجعهم، يقول أحد المعلقين.

قادة الأحزاب الثلاثة المؤلفة للحكومة تحملوا وزر وزارات، لكي لا يدعي أي حزب من الثالوث أنه صاحب الفضل في الإنجازات، ولا صاحب اليد النظيفة من أدران أي إخفاقات.

أخنوش قائد للفرقة، وعبد اللطيف وهبي سيتحمل شؤون العدل. هو رجل القانون والمرافعات، قبل أن يكون زعيما لحزب الأصالة.

ونزار بركة، سيحط على رأس وزارة التجهيز، في فترة سيشهد فيها هذا القطاع طفرة في المشروعات الكبرى المهيكِلة، من شبكات طرق سريعة حديدة، ومستشفيات جامعية، وبنى تحتية تهم بشكل خاص الجهات التي ظلت خارج التغطيات الكبرى...

انتهينا من التعب الذي يمكن أن يسببه تنازع قادة الثالوث، ولننتقل إلى الوزارات وهيكلتها.

أولا نالت المرأة الربع من العدد الإجمالي للحقائب، أي سبع وزيرات ضمن طاقم مؤلف في المجموع من 24. العدد لا يحقق مبدأ المناصفة، لكن بالنظر إلى الحقائب، فإن جزءا هاما منها سيؤثر في كل بيت مغربي، من خلال وزارة الاقتصاد واالمالية التي تولتها نادية فتاح العلوي، التي كانت مسؤولة عن السياحة في الحكومة السابقة، وهي امرأة جاءت من أوساط المال والاستثمار والتأمين. المنصب ليس غريبا عنها. تليها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي أسندت لعمدة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي. هذه السيدة ستشرف على تنزيل الوعد الرسمي بتوفير الحماية الصحية والاجتماعية الأساسية لكافة المغاربة.

 بجانبها ستكون عواطف حيار في التضامن والادماج الاجتماعي.

ومن الصف الأول في حزب الاصالة ستتولى فاطمة الزهراء المنصوري، وهي العمدة السابقة والحالية لمراكش التي اعتبرت قبل عامين القبلة السياحية الأولى في العالم، ستتولى حقائب السكنى والتعمير وسياسة المدينة. ويبدو أن نجاحها الى حد معقول، حسب المراقبين، في إدارة أمور مراكش قد حفز مهندسي الحكومة على الطموح بنقل تجربتها وصقلها لتطبق على الصعيد الوطني، مع استمرارها في شغل عمدية المدينة الحمراء.

الى جانب هؤلاء الوزيرات اسندت حقيبة جديدة تدعى الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة للخبيرة الدولية في استراتيجيات الطاقة، ليلى بن علي. هذه المسؤولة الشابة كانت عضوا في لجنة إعداد "النموذج التنموي الجديد" للمغرب. ومن أبرز مهامها الانكباب على مواصلة تنفيذ مشاريع الانتقال نحو الطاقات المتجددة وغير الملوثة (الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر ...).

السياحة وملحقاتها (الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني) أسندت لفاطمة الزهراء عمور، ثم الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة أعطي لغيثة مزّور.

بقية الحقائب لم تختلف كثيرا من حيث الشكل. فوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حافظت على الائتلاف القطاعاتي الذي كانت عليه، وتولاها محمد صديقي الذي ما هو إلا الكاتب العام السابق لها، تحت إشراف عزيز أخنوش. بمعنى الاستمرارية في النهج والنفَس.

التربية الوطنية لم تتغير الا بإبراز  التعليم الأولي وإضافة الرياضة إليها، ليكون الأمر كله تحت عباءة وزير الداخلية الأسبق، السفير السابق لدى باريس، ومنسق برنامج النموذج التنموي الجديد، شكيب بن موسى.

وسيكون موازيا له وزير التعليم العالي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي الذي يأتي من عالم الأكاديميا بعدما سبق له أن شغل منصبا بارزا في جامعة بلفور مونبيليار في شمال شرقي فرنسا، ورئيسا لجامعة مراكش.

سيغيب عن الحكومة الحالية عبد الحفيظ العلمي الذي كان مسؤولا عن التجارة والصناعة في الحكومة السابقة، وقادها باقتدار. لكن رياض مزور الذي خلفه في المنصب، ما هو  إلا مدير ديوانه في الوزارة ذاتها، وبالتالي سيضمن الاستمرارية في النهج والتصور، مع تواري العلمي ليشتغل من موقع آخر..

وسيكون أحد نجوم الحكومة من خلف الستار فوزي لقجع، رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم. مهمته في الحكومة الحالية هي الميزانية. وبعبارة أخرى بقلمه سيوقع على صرف ما يطلبه زملاؤه جميعا في الحكومة..