رأي

عبدالاله حبيبي: مدن بدون مراحيض عمومية أعزكم الله...

والله كارثة... أغلب المدن لا تتوفر على مراحيض عمومية... لماذا مدن الاستقلال المتشدقة جدا بالدين والطهارة أعدمت المراحيض التي تركها الاستعمار الفرنسي والاسباني.... مثال في العاصمة الرباط باستثناء مرحاض باب الأحد الشهير لن تعثر على مرحاض لقضاء الحاجة وقت الشدة وخاصة النساء اللائي لهن وضع أخلاقي خاص لا يسمح لهن بتوسل أريحية أصحاب المقاهي... 

لا يمكن فهم هذا الوضع الذي يعاني منه حتى السياح حينما يبحثون عن مرحاض عمومي فلا يجدون سوى كثرة دكاكين الأكل السريع، ومحلات لبيع جوطية الملابس التركية والصينية ، تتوسطها غرف صغيرة خاصة بتجارة وإصلاح الهواتف المحمولة وما يقترن بها من معدات... أما المقاهي المنتشرة على كل رصيف فإنها لا تقبل أن تحول مراحيضها الخاصة إلى مراحيض عمومية... أنا أرى أنه من أولويات المدينة المعاصرة ، المسماة تعسفا بالمدينة الذكية توفير مراحيض أو دورات مياه  في كل شارع كبير، خصوصا بالعودة إلى نسبة المغاربة المصابين بالسكري وارتفاع الضغط، وهي نسبة مرشحة للارتفاع و التكاثر بشكل مطرد مع تنامي المخططات المعادية للطبقات الشعبية والمتوسطة، مما يعني أن الشوارع في المستقبل ينبغي على الأقل و من باب الإنسانية، أن توفر مكانا للتخلص من الضغط الذي تمارسه الحكومات والشركات والوسطاء على مغاربة الذين لن يحتاجوا في المستقبل سوى إلى مراحيض لإفراغ المتانات المنقبضة والأمعاء المتشنجة... أما خطاباتنا الدينية فلا يتجاوز أثرها عتبات المساجد وحاشية الكتب المدرسية  الخاصة بمادة التربية الإسلامية... إنها المفارقة الصارخة التي تؤكد أن العقيدة التي تدعو إلى الطهارة والنظافة البدنية والعقلية  لا وجود لها في السياسات العمومية للجماعات المسؤولة عن تدبير قطاع النظافة وتأهيل المدن... حاشاكم وأعزكم الله ...