على باب الله

حكومة لتأهيل المقبلين على الزواج

المصطفى كنيت

تفتقت "عبقرية" الوزير عبد اللطيف وهبي، على إقامة دورات تأهيلية لمقبلين على الزواج، حتى يصبحوا واعين بالمسؤولية مقدرين لما تفرضه من التزام أخلاقي وقانوني وديني، و تجنبا للمطبات التي يتسبب فيها "أبغض الحلال عند الله".

حديث وهبي، يأتي في سياق انتشار ظاهرة الطلاق، التي حطمت أرقاما قياسية، بعد أن تخلى الشباب على منطق:" زواج ليلة تدبيرو عام"، ولم يعد حتى الحول كافيا لتدبير هذه العلاقة الشرعية، تحت ضغط تكاليف الحياة اليومية، و تأثير وسائط ومواقع التواصل الاجتماعي، التي صار معها الزواج أقرب إلى لعبة حظ تحتاج إلى البحث في محرك "غوغل".

و على ذكر "غوغل"، نستحضر قصة "المعطف" للكاتب الروسي نيكولا غوغول، و البطل أكاكي، الذي حين أقنع نفسه بخياطة معطف جديد، أحس فيه بالدفء سُرق منه، من دون أن يجد من يعيده له...

لقد أضاع المجتمع القيم التي ظلت تحمي مؤسسة الزواج، في خضم السياقات التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة، ومع تراجع دور "المسيد" و "الروض" و"المدرسة" و " الأسرة" في تحصين ما تبقى من أعراف، فأصبحت اللقاءات تتم على مواقع التواصل "الافتراضي"، مع يرافق ذلك من غش وتدليس يتم عبر "الفيلترات"، و بالتالي أصبحت الصورة لا تعكس الحقيقة، والخطاب لا يعبر عن الكينونة، والعلاقات لا تقوم على الحب بل على الجنس... الذي، غالبا، ما ينتهي إلى زواج غير مرغوب فيه، ينتج عنه، بالضرورة، طلاق، فتتخلص الفتاة من عقدة "القران"، و كما يقال:" دوزت اللومة"، فتمتلك بعد ذلك حرية التصرف في جسدها بعيدا عن ضغط العائلة والمجتمع.

و لقد نسي سي وهبي، في خضم ذلك، أن عددا من الوزراء هم أنفسهم بحاجة إلى دورات تأهيلية في تدبير الشأن العام، وأن الواقع بعد سنة من عمر حكومة "الكفاءات"، أظهر أن عددا من الوزراء اكتسبوا لقب وزير، وسيكون جيدا أن تضاف إليه صفة "سابق"، ولعل السي وهبي واحد منهم.

وعوض أن ينكب سي هبي على إعداد مشروع. قانون الإثراء غير المشروع، ويعيده إلى البرلمان، و يتوافق مع المحامين بشأن مشروع القانون يتعلق بالمهنة، اختار القيام بجولة ماراطونية لثماني دول عربية، دفعة واحدة، لإقناعها بعقد دورة لمجلس وزراء العدل العرب، مع ما كلفته جولته وستكلفه الدورة من نفقات مقتطعة من أموال الملزمين بدفع الضرائب.

و الأجدر، والحالة هذه، أن يقنع سي وهبي، حليفه، رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بتغليب المصلحة العامة على الأرباح التي تجنيها شركات المحروقات على حساب القدرة الشرائية للمواطن.

والأكيد أن الوضع الاقتصادي الناتج عن تداعيات جائحة "كورونا" ساهم في رفع نسبة الطلاق، بسبب توقف العديد من الأزواج عن العمل أو فقدانهم للشغل نهائيا، وهو وضع عمقته حكومة أخنوش، التي رافق مجيئها جفاف وموجة غلاء، يبدو أن رئيس الحكومة طرف فيها...

التأهيل الذي تحتاج إليه المرحلة، هو التأهيل على قيم المواطنة، وما تقتضيه من نزاهة ومنافسة شريفة وسخاء في العمل... وهي قيم موجودة في المجتمع غير أن "تصرفات" الحكومة "تأكل" منه كل يوم.