قضايا

التعليم إلى أين يسير؟

عبد العزيز الداودي
تشهد الساحة التعليمية احتقانا غير مسبوق واضرابات متتالية كان لها الوقع الكبير على الهدر المدرسي وتمدرس التلاميذ بشكل عام حتى أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من سنة بيضاء تزيد من معاناة الأسر نتاج الخوف على فلذات أكبادها من مستقبل مجهول وطبعا لا نحتاج إلى معرفة من يتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية على اعتبار أنها مرتبطة بالسياسات العمومية للحكومات المتعاقبة التي فشلت فشلا ذريعا في تدبير قطاع التربية والتعليم ولم تستخلص الدروس والعبر من أحداث تاريخية أتت على الأخضر واليابس وخلفت الآلاف الضحايا من التلاميذ الذين خرجوا للاحتجاج على السياسة التعليمية الطبقية لسنة 1965 ومنذ ذلك الحين جربت الحكومات المتعاقبة جميع الوصفات لإصلاح التربية والتعليم ورصدت ميزانيات ضخمة لتفعيل ميثاق التربية والتكوين وكانت النتيجة صفر وكل هذا كان تمهيدا للقضاء على المدرسة العمومية عبر تشجيع التعليم الخصوصي.

وهكذا كرست حكومة بنكيران التوظيف بالتعاقد بالنسبة لرجال ونساء والتعليم ودافعت عن هذا الإجراء اللاشعبي الى حد تصريح بنكيران بوجوب رفع يد الدولة عن الصحة والتعليم ليتضح بالملموس ان ما نشهده اليوم من توترات زادت في منسوب الاحتقان الاجتماعي هو نتاج سياسات عمومية ابت الا ان ترضخ لإملاءات المؤسسات الدولية المالية عبر تفكيك الوظيفة العمومية وخوصصة المرافق العمومية وهذا ما يفسر عجز الحكومة الحالية على معالجة إشكالية التربية والتعليم التي اسندت لوزير أثبت فشله الذريع عبر تنزيل نظام اساسي غير متوافق عليه ولا يستجيب لتطلعات نساء ورجال التعليم بمختلف فئاتهم خصوصا في الشق المتعلق بالمهام المنوطة بهم او بالإدماج الحقيقي للأساتذة المتعاقدين في سلك الوظيفة العمومية ورغم محاولة الحكومة عبر رئيسها تدارك الموقف والاعلان عن تجميد هذا النظام الاساسي وعدم الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين بالإضافة إلى التعهد بالزيادة العامة في الأجور إلا أن ذلك لم يكن ليقنع رجال ونساء التعليم بالعودة إلى الأقسام لسبب بسيط هو انعدام الثقة في الحكومة وفي وعودها لأنها غير ما مرة سبقت وان تنصلت منها واهمها اتفاق 26 ابريل 2011 وحتى قرار تجميد النظام الاساسي لم يقنع الأساتذة المضربين لأنه مبهم وليس هناك في القانون ما يجيز تجميد نظام اساسي صدر في الجريدة الرسمية.

وهنا وجب طرح السؤال العريض كيف تجرأ وزير العدل على سحب مشروع قانون تجريم الإثراء الغير مشروع من البرلمان بالرغم من أن حماة المال العام والعديد من الهيئات المجتمعية المهتمة بالحكامة وترشيد النفقات العمومية كانوا هم من دعوا إليه ولم يتجرأ بالمقابل عزيز اخنوش رئيس الحكومة أن ينشر مرسوم يلغي العمل بالنظام الأساسي ويحد بالفعل من الاحتقان الاجتماعي وبالتالي يساهم في عودة التلاميذ إلى المدرسة ونكاد نجزم ان هناك العديد من الاطراف داخل الحكومة تسعى إلى استغلال هذه الفرصة لضرب المدرسة العمومية وذلك عبر اجبار العديد من الأسر الى التوجه الى المدارس