فن وإعلام

فيدرالية ناشري الصحف تشكو الإقصاء من إعداد مرسوم "الدعم العمومي"

كفى بريس

انتقدت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إصرار الحكومة على الاستفراد بالقرار، و بتغييب أي تشاور مسبق معها في إعداد مشروع المرسوم رقم: 2- 23- 1041، الذي صدر عن مجلس الحكومة، والمتعلق بتحديد شروط وكيفيات الاستفادة من الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع.

 واستغربت الفيدرالية، في بلاغ صدر عقب اجتماع لمكتبها التنفيذي، خصص لتدارس محتوى وسياق وتداعيات المرسوم، إنفراد الحكومة بإعداد مضامينن دون تلقي مطالب واقتراحات المنظمات المهنية ذات الصلة،  وإقصائها بعد أن استمرت شريكا أساسيًا لها طيلة حوالي عقدين في بلورة مختلف الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بالقطاع.

واعتبرت أن الحكومة لا تبالي بالمنهجية التشاركية التي صارت ضمن الاختيارات الديموقراطية الكبرى للتدبير في بلادنا وفي العالم المعاصر، مؤكدة أنها كانت دائما من يدعو الى الخروج من "المؤقت" و"الدعم الاستثنائي"، والسعي لإخراج نظام قانوني جديد للدعم العمومي، ومن ثم هي تؤيد صدور مرسوم من حيث المبدأ، و لإنهاء مرحلة المؤقت، ولكنها تعتبر أن كل دعم عمومي يجب أن يوفر العدالة والإنصاف والمساواة، وألا يكون معدا بنية الهيمنة والاحتكار والإقصاء.

وتبعا لمواقفها المبدئية المعهودة، اعتبرت الفيدرالية أن الشروط المرتبطة بعدد البطاقات المهنية المطلوب التوفر عليها، كان مبالغا فيها بالنسبة للصحف الإلكترونية الوطنية والجهوية، وكان بالإمكان بذل مجهود أكبر للتخفيف منها ونقص عددها، وخصوصا بالنسبة للصحف الإلكترونية الصادرة في الجهات، وحتى بالنسبة للمقاولات الصحفية الإلكترونية، التي اعتبر المرسوم أنها ليست صغيرة أو متوسطة،

وأوضح نص البلاغ، توصلت به "كفى بريس"، أنه وفي الوقت الذي عمد المرسوم الى تحديد بعض الفروق في الصحف الورقية على أساس دورية الصدور أو الامتداد الجغرافي والترابي، فهو لم يطبق الشيء نفسه على الصحف الإلكترونية الجهوية، ويعني ذلك الحكم بإقصاء عشرات المواقع الإلكترونية الجهوية والمحلية، وضمنها مقاولات تباشر مسلسلات تأهيلية واعدة، وجعل المرسوم عدد البطاقات المهنية المطلوب توفرها في صحيفة الكترونية أكبر من المطلوب توفرها لدى يومية ورقية وطنية.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن فرض شروط والتزامات على المقاولات الصحفية، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، تم قبل إصدار القرار الوزاري المشترك، أي قبل ان تعرف هذه المقاولات مردودية ما ستتحمله من استثمارات وكلفة للوفاء بالالتزامات والمعايير المفروضة عليها.

وبعد أن كان ممثلو ناشري الصحف يمثلون داخل لجنة تدبير ملفات الدعم بسبعة أعضاء، تحول الأمر، في هذا المرسوم، إلى ممثل واحد، ويجري تعيينه من طرف رئيس المجلس الوطني للصحافة، وليس من طرف المنظمات المهنية المعنية نفسها، مستغربة لتنصيص المرسوم على حرمان كل مقاولة صدرت في حقها عقوبات قضائية أو تأديبية من المجلس الوطني للصحافة من حق الحصول على الدعم العمومي، وذلك لأن الحرمان من الدعم يمثل نفسه عقوبة يمكن للمجلس أن يصدرها عبر توصية فقط ترفع الى لجنة الدعم، ولا يجوز الحرمان فقط لمجرد صدور العقوبة، قضائية أو تأديبية، لأن الأمر، في هذه الحالة، سيكون عقوبة ثانية ضد جرم واحد، وهذا لا يجوز في كل منطق قانوني سليم، ويناقض مقتضيات دولة القانون، ومبدأ الإستقرار القانوني في البلاد، وعدم جواز الحكم بعقوبتين ضد مخالفة واحدة.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن هذا التجاوز وحده كاف لبطلان هذا المرسوم الذي لا يمكن أن يكون أكبر من قوانين المملكة وقواعد التشريع الأساسية فيها. وبالنسبة لدعم الطباعة والتوزيع، سجلت الفيدرالية غياب وضع شروط تجعل هذا الدعم ينعكس ايجابا على واقع المقاولة الصحفية، وعلى الممارسة المهنية.

كما استغربت الفيدرالية تعمد المرسوم إقصاء المطابع الصغرى والجهوية وفرض هيمنة عدد محدود جدا من المطابع لتوزيع الدعم فيما بينها، مطالبة بحذف شرط انشاء شركة خاصة للمطبعة أو، على الأقل، منح فترة سماح للقيام بذلك، ومراعاة الواقع الفعلي لعدد من المطابع الصغرى، وبعضها متواجدة في السوق منذ خمسة عقود ولديها التزامات وأجراء.

وأكدت الفيدرالية أنها لا تفهم معنى فرض شرط طباعة عدد من الدوريات لكي يكون لكل مطبعة حق الولوج الى الدعم، خصوصا أن الأمر يرتبط بالإختيار الحر لهذه المطابع وأيضا لغياب عدد كبير من هذه المطبوعات في السوق، حتى يتحقق التنافس حولها بين المطابع الموجودة.

واورد البلاغ أن هذه الملاحظات التي تسجلها الفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف، تجعل من الصعب الوصول الى تحقيق هدف المرسوم القاضي بتنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم الموارد البشرية، وتأمل أن تجد الحكومة الآليات المناسبة لتجويد مقتضيات النص المصادق عليه من طرفها أو إعمال الصيغ التطبيقية القادرة على تجاوز اختلالاته وسلبياته.

وأكدت الفيدرالية حرصها الدائم على الإسهام في اقتراح البدائل والحلول، وتتمسك بجديتها ومصداقيتها كما عهد فيها طيلة تاريخها، وهي التي وقعت على كل برامج الإصلاح وتأهيل القطاع، معتبرة أن تأهيل قطاع الصحافة والنشر ببلادنا رهين بالإنصات المتبادل والتشاور الجاد والمنتج، أما اعتماد الحسابات الأنانية والذاتية والريعية، فكل ذلك لا علاقة له بالرهانات المجتمعية الحقيقية المعقودة على الصحافة الوطنية اليوم.

ورفعا لكل المغالطات والإلتباس والتدليس والجهل بالقوانين، أشارت الفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف، بشأن ملف الموارد البشرية، إلى أن محتوى المادة الرابعة من المرسوم يفهم منه، قانونا ومنطقا، الاتفاقية الجماعية التي وقعت بين الفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المــــــغربية، وجرى العمل بها منذ توقيعها الى اليوم في مقاولات الصحافة المكتوبة.

وأبرزت التدابير الاجتهادية التي أقرها المجلس الوطني للصحافة خلال ولايته القانونية الاولى برسم شروط الحصول على البطاقة المهنية للصحف الإلكترونية والجهوية هي السارية الى اليوم، داعية مراجعة كل اتفاقية جماعية او تطويرها يجري بين الاطراف الموقعة، وبين المنظمات التمثيلية للأجراء والمشغلين، وفق ما ينص عليه القانون، وضمن قواعد الاتفاقيات الجماعية المعمول بها في البلاد، وأي مبادرة أخرى أو نزوة ذاتية تكون، بديهيا، مفتقدة للجدية والمصداقية والقانونية، ولا يمكن فرضها عسفا وإرغاما على من لم يوقعها أو من لم يشرك فيها أصلا.

ونادت الفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف منذ البداية، الى لقاء كل الأطراف، بدون إقصاء أحد، والحوار الصريح والجاد من اجل منظومة متكاملة لتطوير الأوضاع المادية والإجتماعية للموارد البشرية، مع استحضار الواقع الحقيقي للمقاولات وتباين امكانياتها وسبل تغطية كلفة ما سيتفق عليه، وهي لا تزال متمسكة برأيها، وتبدي استعدادها للتعاون مع كل الأطراف ذات المصداقية والتمثيلية الحقيقية في القطاع، ولحد الآن كل الوقائع والتطورات تؤكد صحة مواقف الفيدرالية وتقيدها بالقانون والمنطق في هذا المجال.

وجددت الفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف، مرة أخرى، نداءها الى كل الاطراف المهنية، الممثلة للناشرين والصحفيين، والى الحكومة، بضرورة العمل المشترك والتعاون بحسن نية لمصلحة القطاع والبلاد.

وسجلت عديد ممارسات مؤسفة تمت بغاية إقصاء الفيدرالية وإبعادها، ونسجل أيضا مساعي فرض واقع هيمني واحتكاري في القطاع، والقضاء على التعددية والتنوع ، وعلى الصحافة الجهوية واعلام القرب، وكذلك صدور تدوينات تنسب تصريحات ومواقف وانحيازات لمسؤولين حكوميين، تكون ضد الفيدرالية، تلميحا أو تصريحا، ولا يتم نفيها أو توضيحها، مؤكدة، تبعا لذلك، أن كل هذه المناورات الصغيرة تراكم الفشل لحد الآن، ولن ينتج عنها سوى مخاطر تهدد القطاع، وتنسف مكاسب تحققت لبلادنا طيلة سنوات ، ومن ثم نحن نحذر منها، وندعو لتجريب الحوار والتعاون.

وأوضحت أن التمثيلية المهنية، لا تحدد بنزوات الأشخاص أو رغباتهم وخلفياتهم الريعية الأنانية، وإنما بالقانون المعمول به في البلاد، ولذلك الفيدرالية لها تمثيليتها القانونية، والجميع يدركها ، ولهذا هو يمعن في محاربتها، ويناور اليوم لتغيير معالم الواقع ومؤشراته للتأثير على ذلك وإبعاد الفيدرالية، وهذا كله يعتبر مضيعة للوقت لأنه لن يجدي شيئا، وستبقى للفيدرالية المــــــغربية لناشري الصحف تمثيليتها التي حسمها القانون والواقع، وستستمر منظمة مهنية لناشري الصحف ذات جدية ومصداقية، وقوة اقتراحية عقلانية حقيقية.