تحليل

الدعم المدرسي: لحظة إجهاد مجتمع بكامله!

محمد الغلوسي ( محامي و رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام )

يمكن القول إن التلميذ المغربي يصبح من أشقى وأتعس خلق الله حين يقترب موسم الامتحانات الإشهادية، سواء كانت أسرته فقيرة أو متوسطة الدخل أو غنية، فهو يتعرض الى شحن بطاريات الاعداد للامتحان، ويرافق ذلك العديد من الطقوس والفوضى التي ترهق الاسر والتلاميذ على حد سواء، فإذا كان الارهاق للاسر على مستوى تكاليف دروس الدعم، والدروس الإضافية فقد تم مؤخرا ابتداع عبارة “الاعداد من اجل التفوق”، وكأننا أمام تحطيم أرقام قياسية في امتحانات الباكلوريا او السنوات الإشهادية بشكل عام، فان التلاميذ يتعودون عادات سيئة ومنها أربعة قاسية تؤثر على مابعد الباكلوريا:

1- السهر المتأخر ليلا، مما يؤثر على النوم اي اختلال الساعة البيولوجية، علما ان الامتحانات تنطلق مع الثامنة صباحا!

2- استهلاك المنبهات بشكل مفرط ومنها القهوة والشاي بل يذهب بعضهم إلى تناول بعض المنشطات، واخيرا ظهرت فكرة مواد كيماوية تقوي الذاكرة وهي مجموع اوهام فقط، لها اثار جد سيئة على الاعصاب والدماغ،

3- العشوائية في المراجعة بحيث يغيب التوازن في المراجعة والاعداد، بل يقع اختلال في التركيز والعمل النوعي الذي يعتمد الخبرة والتوجيه التربوي والتعليمي، بحيث يعتقد التلاميذ ان انجاز مئات التمارين كاف للإجابة على اسئلة الإمتحان، علما بإن الوزارة بدأت تميل الى اسئلة تعتمد الفهم والتركيب العمودي والافقي.

4- الضغط النفسي بحيث تصبح المنازل مشحونة بالحديث عن الامتحانات في كل وجبة، وعند كل لقاء، مما يخلق حالة من الرهاب وتحليل العوام، بل تصل الامور الى التكهنات والتوقعات واقصاء أجزاء من المقررات، لا لشيى الا استجابة لرواية او أحجية او حدس او تجربة لا تتوفر على شروط الموضةعية، وهي حيل نفسية من اجل إقصاء أجزاء من المقرر!!

إن الجميع يعرف أننا أمام منظومة تربوية تعاني من عدة اختلالات، سواء على مستوى البرامج او على مستوى طرق الاختبار، او على مستوى نظام الامتحانات، الذي لازال يعتمد على الحفظ في مجمله ويسعى للخروج من هذا المأزق، اي البحث عن طريقة علمية بيداغوجية تساهم في تقييم التحصي، دون استنزاف التلميذ او ارهاقه، وهنا لا بد ان نشير ان الاستاذ المحبط الشارد الغارق في همومه الاقتصادية والاجتماعية ينتظر انتهاء الحصة العمومية ليغادر المؤسسة ويلتحق بالدروس الخصوصية ، لأن قسوة الحياة تفرض عليه سباقا للكسب والتحصيل تجعله مع الايام ينسى جزء من رسالته النبيلة، فهو من خلال هذه الدروس يريد التحرر امام ابناءه من العجز عن عدم الاستجابة لمطالبهم الاجتماعية، والتخلص من كل سخرية أونظرة تحقيرية قدحية ممن حوله .

ان هذا الوضع خلق في المجتمع نوعا من التخبط والضياع بمصير ومستقبل أجيال الغد.

انطلق موسم الذبح والسلخ اسمه:

بدأ تقديم “دروس الدعم وتقوية الدماغ” في زمن الهشاشة العامة، والمصيبة ان بعض من يقومون به اي الدعم يحتاجون للدعم، وهكذا وصلنا مرحلة دعم المدعم لتأهيله للدعم، ويحقق ان نتساءل :

1- هل انجزت دراسة علمية لقياس اثر ووقع الدعم المدرسي على مستوى التلاميذ؟

2- هل قامت المدرسة العمومية في اكتشاف طرق التحصيل وقياس المستوى لتجعل التلميذ يشعر بأن الامتحانات لم تصنع لتدميره نفسيا وصحيا؟

3- هل اصبح الاباء يقومون بالدعم النفسي لهشاشتهم عن طريق الدعم المدرسي لابنائهم؟