القميص اختزل أزمة تاريخية ممتدة تحسب بوحدات الزمن وبعدد حبات الرمال المخضبة بدماء الأبرياء، فكل أزمة يفتعلها النظام الجزائري تجعلنا نحن المغاربة نستحضر آلامنا معه ليس مع هذا النظام فقط فالتهديد الآتي من الشرق يتجاوز هذا النظام زمنيا وبمئات السنين، فالمغرب كان ومازال يُهدَّد من هذه المنطقة بالذات، فلاش باك الى الخلف، لن نتعمق في التاريخ القديم، لنقف على اعتابه القريبة نوعا ما من الامبراطورية العثمانية التي استعمرت كل البلدان العربية حتى "الجزائر" وأوقفتها الدولة السعدية الحاكمة في المغرب أنذاك والتي حلت محل الدولة الوطاسية، فكانت الجبهة الشرقية للمغرب مشتعلة بشكل دائم بسبب العثمانيين ومحاولاتهم المتكررة غزو المغرب، لولا قوته، وخير دليل معركة وادي اللبن التي جرت بين التركي حسن بن خير الدين باشا حاكم تلمسان الذي دخل المغرب من الجزائر والسلطان السعدي أبو محمد عبد الله الغالب والتي انتصر فيها السعديين انتصارا كبيرا وسحقوا الجيش التركي الذي عاد فارا الى قواعده في الجزائر، من الجهة الشرقية أيضا تغلغل إلى المغرب الاحتلال الفرنسي فبعد احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830 لم تخف طموحها في احتلال جارتها المغرب، وخصوصا عندما قام السلطان المغربي مولاي عبد الرحمن بن هشام بحماية المقاوم الجزائري الأمير عبد القادر ودعم الجزائريين، وكانت النتيجة الهزيمة في معركة إسلي وما أعقبها من معاهدات وتدخلات فرنسية وأوربية مجحفة ضد المغرب الى ان فرضت الحماية عليه سنة 1912.
فلطالما عانى المغرب من هذه الجهة ومازال بل حتى بعد الاستقلال، إذ احتضن المغرب المقاومة الجزائرية ومدها بالسلاح وبعدها تنكروا له وزاحموه في حدوده المشروعة لتقوم حرب الرمال بين الأشقاء سنة 1963، ثم معركة أمكالة الأولى سنة 1976، حيث هاجمت ألوية من الجيش الجزائري قرى داخل المغرب ليتدخل الجيش المغربي دفاعا عنها، ثم بعدها معركة أمكالة الثانية وغيرها من المعارك التي كان يتدخل ويهاجم فيها الجيش الجزائري مباشرة... بعيدا عن تسليح الحركة الانفصالية البوليساريو واحتضانها من طرف النظام العسكري الجزائري لتكون شوكة في حلق المغرب، وبعيدا عن المعارك في الصحراء المغربية بين جيشي بلدين جارين، فمازال المغاربة يتذكرون ونحن المراكشيون خصوصا الاعتداء الإرهابي على فندق أطلس أسني بمراكش سنة 1994 وبإيعاز من النظام الجزائري، بل ومازلنا كمغاربة نتألم من الجريمة غير مغتفرة تلك التي ارتكبها النظام الجزائري يوم هجر وطرد سنة 1975 350 ألف مغربي من الجزائر في ليلة عيد الأضحى، وسميت بالمسيرة السوداء التي جاءت كرد فعل على المسيرة الخضراء التي قام بها المغاربة إلى الصحراء الجنوبية المستعمرة من طرف الاسبان أنذاك، والتي قام بها 350 ألف متطوع مغربي وهو نفس العدد الذي طرد من الجزائر حقدا وغلا.
موقعة القميص ليست بمعزل عن باقي الأزمات والصراعات التي يشعلها النظام الجزائري من حين لآخر حتى يحتفظ بشرعيته ويغطي على فساده أخطرها تسليح مرتزقة لتفتيت الوحدة الترابية لبلادنا ولا أظن أن بلدا أو شعبا في العالم يرضى بتقسيم أراضيه، هي قضية عادلة وواضحة بل الكثير من الجزائريين أنفسهم غير راضين عن هذا الوضع ويعانون من جبروت هذا النظام، ولدي أصدقاء جزائريون يحبون المغرب ويعشقونه، فالشعب الجزائري له احترامه وتقديره ولا أظن أنه هو نفسه سيقبل بأن يغتصب وطنه وتقسم أرضه.