كل صباح يصحو قلبي مبكرا، ويتركني هامدا في سريري مثل جثمان مغطى...
يذهب لتفقد أسعار التنفس الجيد والنبضات الطرية، وأثمان الضحك القديم والبسمات المستعملة...
ويعود بعد الظهر خائبا منقبضا خائفا، يحدثني عن فيلم أسود، أشد رعبا من كل تاريخ أفلام الرعب، عن فظائع وحروب واحتكارات ومضاربات واستغلال شنيع في ضروريات المعيشة وأساسيات الحياة والبقاء.
يحكي لي عن اختفاء العيش اللائق، بل عن انتفاء الحد الأدنى منه، وانعدام الكرامة والإنصاف والرحمة من الأسواق...
ثم يهمس في صدري، كالخائف دائما، ينصحني باقتصاد ما بقي لدي من نبضات وتنفس، والاستغناء عن ضربات القلب المنتظمة بأخرى مضطربة، وأن لا أخاف كثيرا إذا ما شعرت بما يشبه الرجفان، أو الرجفان نفسه، والتعود على انخفاض عدد خلايا الدم..
قاطعته: - هل تقصد فقر الدم؟
يرد علي: - نعم، فالحكومة أقرت سياسة تقول إنه لا يناسب الفقراء إلا فقر الدم...
- إذن سأنتهي وأموت؟
- الموت حق، والواحد عليه أن يستبق الأحداث، ويمرن نفسه جيدا على كل ما هو مقبل وآت... حتى الممات!