فن وإعلام

"حَبَّة طالعة، حَبَّة هابطة .. شي حبيبات"

عبد الرحيم الشراد

"حَبَّة طالعة ، حَبَّة هابطة .. شي حبيبات"،  عبارات كثيرا ما رددها الفنان حجيب على مسامع الجمهور خلال كل حلقة من حلقات برنامج " النجم الشعبي " .

كل هذه الرطانة و كل هذا الكلام الغير المفهوم،  الجاهز و المحفوظ سلفا الذي يردده الفنان حجيب كنوع من المسلمات . أصبح موضوعا للتَّنَدُّرِ في المجالس . حتى أن المطربة نادية العروسي خرجت منتقدة حجيب بشكل ساخر " هذي شحال و أنا كنغني . ما كنقولوش حبة طالعة و حبة هابطة ، واش احنا في الرحبة تاع الزرع ؟ " . فما المقصود بالحبة يا ترى ؟

شيء أكيد أنها ليست حبة قمح و لا حبة سبحة . يرى الدكتور حسن نجمي و قبله الراحل محمد بوحميد أن نظام المتن العيطي يتكون من ( حبَّات ) و كل ( حَبَّة ) هي وَحَدَة شعرية صغيرة تؤلف مع أخواتها مجمل القصيدة العيطية . بمختصر القول ، ( الحبة ) حسب الأستاذ بوحميد و الدكتور حسن نجمي ، تعني الجملة الشعرية.

شخصيا عندي رأي خاص في هذا الباب و هو أن كلمة ( الحبة ) تكشف عن نظرة جمالية عند أول من استعملها في كلامه من الشعراء الشعبيين ، لأنه استقاها من حبة العنب و بالتالي أعطاها بعدا و دلالة رمزية .

المعروف أنه في البوادي المغربية كنا نجد " الحبحابة " و هم أشخاص لهم القدرة و الموهبة على ارتجال أبيات شعرية متفرقة و بالعامية . ينطقون بها و بكل عفوية في لحظات نشوة و ابتهاج في أي محفل يجتمع فيه أهل القرية .  إن تسمية هؤلاء الأشخاص بالحبحابة يعود في نظري  إلى قولنا في اللغة العربية ، حَبْحَبَ فلان عنقود العنب أي اقتطف منه حبات قليلة دون أن يقطعه من الدالية .

تأسيسا على هذا المعنى يمكنني أن أقول بأن مصطلح ( الحبة ) هو مصطلح خاص بالعيطة الزعرية دون سواها . لأن العيطة الزعرية تقوم على أبيات هي بمثابة الشذَرات ، كل بيت مكتمل بذاته و منفرد بمعناه، و لا يحتاج لغيره من الأبيات بعكس متون بقية الأنواع الأخرى من العيطة التي نجد الجمل الشعرية فيها تنتظم مع بعضها لكي تشكل المعنى العام للقصيدة.