على باب الله

الإضراب العام: طلقة من فوهة بندقية فارغة

المصطفى كنيت

خلال الانتخابات الماضية (8 شتنبر 2021)، أوصت نقابة الاتحاد المغربي للشغل بالتصويت لفائدة عزيز أخنوش (رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار)، رغم أنها، كنقابة، تضم أطيافًا حزبية متعددة، وظلت دائمًا ترفع شعار استقلالية العمل النقابي. وكان من الممكن، مراعاةً لهذا المبدأ، ألّا تحشر نفسها في الشأن السياسي وتحافظ على المسافة الموضوعية (الإيهام بالموضوعية على الأقل) لتحافظ لنفسها على حياد ظاهر.

وبعد فوز "الأحرار" بالانتخابات وتعيين أخنوش رئيسًا للحكومة، ظهر الميلودي مخاريق، الكاتب العام للنقابة، في أكثر من صورة مع رئيس الحكومة، وهما معًا في قمة الانسجام والانتشاء، قبل أن يدب الفتور في العلاقات بين الرجلين، ويبدو أن (ا.م.ش) بدأ ينتهج نهجًا تصعيديًا ضد الحكومة وبعض وزرائها، ولم نعد نرى الضحكات المتبادلة، ولا الأذرع المفتوحة للعناق.

ومع ذلك، فإن النقابة حرصت كل الحرص على ألّا توجه سهام انتقاداتها لعزيز أخنوش أو تواجهه، وتعمدت تجنب الإشارة إليه.

وحين أحالت الحكومة مشروع قانون ينظم الحق في الإضراب على البرلمان، لم تُصعّد النقابة إلا من خلال البلاغات التي تدعو إلى المقاربة التشاركية، مع ضغط خفيف من أجل إدخال تعديلات على المشروع الحكومي.

وبالفعل، فقد استجابت الحكومة لحدٍّ أدنى من المطالب التي سطرتها النقابات، غير أنها اختارت، في الفصل الأخير من المصادقة على المشروع، رفع وتيرة الاحتجاج بإعلان إضراب عام بعد انتهاء مسيرة التصديق على المشروع، في انتظار عرضه على المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقته لمقتضيات أسمى قانون للأمة.

وحتى حين أصدر الاتحاد المغربي للشغل بلاغًا لتبرير الانسحاب من جلسة التصويت، فقد اكتفى بذكر وزير الشغل، يونس السكوري، ولم يشر إلى عزيز أخنوش باعتباره رئيسًا للحكومة، الذي حدد محيطه سقف التنازلات على ما جاء في المشروع الأصلي، بتشاور مع "الباطرونا"، بعيدًا عن رغبات النقابات.

الإضراب العام كان إذن مجرد طلقة من فوهة بندقية فارغة، لذلك فإن حجم التجاوب مع الدعوة إليه كان ضئيلًا، كشفت عنه النسب التي أعلنها الوزير يونس السكوري، وهي نسب مخجلة، خاصة في القطاع الخاص.

الأكيد أن النقابات ستستفيد من هذا الدرس، وقد تستعيد بعض المصداقية، وهي مكبلة اليدين بقانون الإضراب، بعد أن أضاعتها عندما كانت حرة طليقة.