قد نتفهم أن وهج وإشعاع كرة القدم على عدَّة مستويات أظهر في النهاية أنه ورش استراتيجي واختيار دولة، لكن ليس على حساب المدرسة وأدوارها بمنطوق الدستور. فطريقة تدبير ورش "دراسة ورياضة" تسائلنا في النهاية: هل نقبل أن يكون نجاحها، إن تحقَّق، على حساب المسار الدراسي وفي صلبه التوجُّه البيداغوجي والقبول بالتضحية به؟ لا أعتقد، فمستوانا التعليمي، مع ترتيبنا الدولي المتدنِّي، يجعلنا في حيرة من أمرنا: هل نمتلك فعلًا إرادة صريحة من أجل النهوض بهذا القطاع؟ ما يدفعنا إلى التخوُّف وطرح كثير من الأسئلة هو ما وقع في ثانوية محمد الخامس التأهيلية، بعدما تمَّ جرف الملاعب الرياضية للمؤسسة كلها، مضحِّيًا صاحب هذه الطريقة بدورة كاملة، بعدما أحدث إرباكًا بيداغوجيًّا ونفسيًّا لدى تلاميذ وتلميذات هذه المؤسسة، ومكتفيًا بتوجيهات من قبيل تلقِّي حصص نظرية داخل الفصول، في إقصاء وتعسُّف على جوانب بيداغوجية، خصوصًا الجانب المهم: الحس الحركي والتركيز، اللذين يُعتبران حصصًا مدعِّمة للنشاط البيداغوجي في التحصيل، تمَّ إقصاؤهما من البرنامج دون وجه حق. وهي حصص لم تضعها الوزارة عبثًا، بل وفق مقرر وزاري يصدر في بداية كل سنة، وأظنُّ أن المسؤولين مجاليًّا انقلبوا عليه في تحدٍّ صارخ. الأمر الغائب عن تصوُّر الإدارة أفقيًّا وعموديًّا، كنتيجة أفرزها هذا الوضع الشاذ، هو أن مؤشر العنف المادي والرمزي ارتفع داخل هذا الفضاء بشكل ملفت ومقلق، وهو ما انعكس سلبًا على مستوى استقراره البيداغوجي والمعرفي، والأكيد أنه عصف بكل المجهودات، وعلى رأسها برنامج "دراسة ورياضة"، وهو أمر يسائلنا جميعًا.
الإشكال الرئيسي الذي تعيشه أغلب المؤسسات هو الارتجال في تدبير المشاريع، التي في الغالب لا عناوين لها، ولا أهداف، ولا استراتيجية، ولا تصوُّر، حيث يتم التخطيط لها بشكل استثنائي في إطار التدبير اليومي، وهو أمر انعكس بشكل صريح على البرنامج السنوي لتمدرس التلاميذ. وبالتالي، وقفنا عند حلول ترقيعية مؤقتة للدورة الأولى، وبشكل متعسِّف فيها، دون أن يفكِّر المسؤولون في حل المشكلة بشكل نهائي، بل لجؤوا إلى التقسيط في كل شيء، حتى الزمن المدرسي قطعوه أجزاء متناثرة لم تضمن الاستقرار، لا للتلاميذ، وبالطبع لا للأساتذة. ونتكلَّم عن الريادة والطموحات الكبرى، لكن للأسف، بمحدودية في التصوُّر، وبأدوات متخلِّفة، وعقول هاوية لا تمتلك القدرة على الإبداع.