سياسة واقتصاد

فاطمة فوق الحجر… مالكِ تبكي؟ الحمام لا يبكي يا فاطمة!

ميمونة الحاج الداهي (باحثة وفاعلة سياسية)
 مشهدٌ برلمانيٌ يعكس أوجاع وطن. جعل ذاكرتي تعود الى الطفولة حين كنا نلعب و نقول بصوت مرتفع " فاطمة فوق الحجر مالك تبكي، تجيب من تقمصت دور فاطمة "ضارني عيني" ، و فاطمة هذه المرة لم تتقمص بل اعتلت منبر و أسهبت حتى أسهلت..

النائبة البرلمانية فاطمة خير لم تبكِ لأن قانونًا ظالمًا أصاب كرامة المواطن، ولا لأنها رأت الشعب يئن من ارتفاع الأسعار و تدني جودة التعليم و تردي خدمات الصحة، بل لأنها لم تتلقَّ مكالمة مواساة بعد حملة تنمر إلكترونية.

فوق "الحجر" البرلماني، حيث يُفترض أن تصرخ القضايا وتسمع، أجهشت فاطمة بالبكاء على غياب تعاطف افتراضي. لم تجد رسالةً تقول: "حذري راسك الين تتخط الريح". يا فاطمُ هل نسيت أن "الحمام لا يبكي"؟ وأن السياسة ليست حكاية أطفال ينتظرون قبلة تواسيهم على خدودهم؟

فاطمة ظنت أن البرلمان مسرح دراما، حيث يُصفق الجمهور للدموع. لكنها نسيت أن الكاميرا في السياسة لا تعيد التسجيل، وأن الصوت الحقيقي يُقاس بصلابة الحجة، لا برقة البكاء.

دخل رشيد الطالبي العلمي، لا كزعيمٍ يُناشد بل كإطفائيٍ محترف، ليقول لها بهدوء: تعلّمي التجلّد، فالبرلماني ليس مؤثراً في إنستغرام، والشتائم يوميةٌ لا تخيف.

المشكلة ليست في دموع فاطمة، بل في هشاشة السياسة التي تنتج كائناتٍ صوتها رخيم، وحساسيتها تفوق قوة برامجها. إن كان النائب يحتاج دعمًا نفسيًا من كل تعليق، فكيف للمواطن الذي بالكاد يجد قوت يومه أن يرفع صوته؟

فاطمة فوق الحجر، مالكِ تبكي؟ تبكي لأن القلوب الإلكترونية قاسية، والواقع القاسي يا فاطمُ أشد. والحمام لا يبكي.

وهكذا، حين يصبح البرلماني بحاجة لحنان بدل الحِكمة، يتحول الوطن إلى مسرح دموعٍ لا تنتهي، والشعب إلى صمتٍ مخنوق… لا يبكي، ولا يُسمع.

أن تصمتي يا فاطمة هذا "خير " ما تفعلينه بنا و بنفسك.