كانت لهم السيادة فيما اجتهدوا في إبداعه حتى التلاشي والاحتراق. لذا نزفوا كثيرًا كأنهم يحملون مسئولية الإبداع كما (سيزيف) ليبقوا على جذوته مشتعلة، ويشيعوا الجمال في عالم يتهدده ما يفسد صفاء روعته وعبر ما يغزوه من قبح! فكان وهج إبداعهم في الحياة ملموسًا ومدهشًا لمن يملك القلب، والعقل الفطن، والروح الشفافة والإحساس المرهف! وكان لهم ما أرادوا عمله من أجل الإنسان ولم يكن لهم سوى المعاناة في حياتهم،.... أما حصولهم على الاعتراف بعملهم فلم يحدث إلا بعد أن فارقوا الدنيا...
...
نشأ في أسرة الفن والمديح والسماع. أمه للا السعدية حفيدة السيد محمد الحراق، وأبوه السيد أحمد شقارة، الذي كان أستاذا بالمعهد الموسيقي بتطوان. حفظ القران الكريم في الكتاب (المسيد) ودرس بالمدرسة الخيرية، ثم بالمدرسة الأهلية.
وكانت بدايته الفنية من داخل بيته على يد والده، ثم بعد ذلك جاء دور الزاوية «الحراقية» التي أثرت بشكل كبير في مسيرته، حيث تلقى فيها تكوينا جيدا في أصول المديح والموسيقى الأندلسية والعزف على الكمان، وكانت شخصية الشيخ سيدي عرفة الحراق، شيخ الزاوية من أكثر الشخصيات، التي اجتذبت فكره واهتمامه لدرجة أنه لما التقاه وتعرف عليه أصبح يعتبره بمثابة الأب الروحي، وهو الذي أهداه أول عود تمكن شقارة من العزف عليه دون علم والده.
من أهم المحطات في المسيرة الفنية للفنان عبد الصادق شقارة، إلتحاقه بالمعهد الموسيقي بتطوان العام 1947، ليتتلمذ على أيدي ثلة من أساتذة الموسيقى المعروفين في ذلك الوقت، أمثال العياشي الوراكلي، ومحمد العربي التمسماني، والعربي الغازي، وعبد السلام الدريدب.
تعتبر أغنية “الحبيبة جرحتني” التي افتتح بها مسرح محمد الخامس، وبحضور عاهل المملكة آنداك عام 1957 الانطلاقة الموسومة بالشهرة الخالدة للفنان عبد الصادق شقارة، وقد أنشأ عبد الصادق شقارة مع مجموعة من الموسيقيين التطوانيين جوق المعهد الموسيقي لتطوان، الذي ساهم في إغناء المشهد الثقافي المغربي بتقديم موسيقى أصيلة لجمهور كان متعطشا يومها للفن، ومولعا بالموسيقى التراثية الرفيعة. كما انضم إلى المجلس المصغر للملحنين العام 1961 فشارك في تسجيل النوبات الإحدى عشرة للموسيقى الأندلسية، وفي سنة 1978 عين حارسا عاما للمعهد الموسيقي بتطوان، الذي كان يديره الأستاذ محمد العربي التمسماني.
لنتذكر فقط....صنعوا من أحزانهم ومعاناتهم إبداعًا من أجل يضيئوا دروب الحياة، وينشروا الجمال والروعة.