تحليل

حدبة بايتاس الناطق الذي لا يجيب

ميمونة الحاج داهي (تدوينة)

أنا لا أعرف كيف يمكن أن نقنع أنفسنا بعد اليوم أن بايتاس "يمثل الحكومة"، أو حتى يمثل نفسه.

يا سيد بايتاس في كل خرجاتك الإعلامية أتأكد أن الأمر أكبر من مجرد خلل في التواصل. هناك ازدراء حقيقي للعقل الجماعي، استخفاف بكرامة المواطن، وكأننا أمام من يصدر التعليمات بدل أن يتلقى الأسئلة.

شخصيا، لم أعد أتابع ندواتك بحثا عن جواب، بل لأقيس إلى أي مدى يمكن أن يذهب مسؤول في تحاشي الحقيقة. أنت لا تجيب. أنت تدير وجهك عن السؤال، أو تكتفي بجملة منمقة لا علاقة لها بما طرحه الصحفي. ثم تنهي الكلام بابتسامة واثقة… لا أدري ممن.

المثير أن أغلب الملفات التي تتهرب من الحديث عنها ليست قضايا تافهة. بل هي ملفات تمس جوهر العقد بين المواطن والدولة: إعفاءات غامضة، خروقات خطيرة، اختراقات أمنية… وكل مرة، نخرج من القاعة بصدى الصمت لا أكثر. هل يعقل أن ناطقا رسميا لا يملك الحق حتى في الاعتراف بوجود مشكلة؟

هل دورك فقط أن تٌلمِّع ما لا يُلَمَّع؟ أن تصمت حين يطلب منك الكلام، و تبرر حين يفترض بك أن توضح؟

بكل وضوح، هذا الشاب الذي خرج من العدم إلى منصب أكبر منه، تحول إلى جدار عازل بيننا وبين الحقيقة. لا نعرف من اختاره، ولا لماذا، لكننا نراه يُستعمل كل أسبوع كدرع يتحمل خدوش حكومة تُفضل الصمت على المواجهة. لقد تدرب طويلا على فن الإنحناء حتى نسي أن السياسي لا يقاس بليونة قامته بل بصلابة مواقفه.

والأسوأ من كل هذا، هو هذا الانبطاح الكامل الذي يقدمه كأنه جزء من وظيفته: لا رأي، لا جرأة، لا موقف. فقط تكرار لما يُطلب منه، وتلويح بمصطلحات ملساء لا تقول شيئًا.

أنا لا أكره بايتاس، ولا أهاجمه شخصيا.

لكنني أرفض أن يستهزأ بذكائنا بهذا الشكل.

أرفض أن يُستخدم شخص أيًا كان كواجهة لتغطية الخلل العميق في منظومة سياسية لا تجرؤ على قول الحقيقة، ولا تحترم حتى أسئلتنا.

نصيحتي لك، إن كنت تقرأ:

ارفع رأسك قليلاً، وتذكر أنك لست مجرد أداة. الانحناء كثيرا يسبب تقوس الظهر و ظهور حدبة تؤلم و تثير الإشمئزاز.

الناطق الرسمي ليس وظيفته أن يتلقى الصفعات بدلًا عن الآخرين.

كن رجلا سياسيا، لا ظلا يستخدم وقت الحاجة ويرمى بعدها.

ولك أن تتأمل قولة الراحل المهدي المنجرة، التي لا تزال تشبهنا أكثر من كل بلاغاتك:

 "الذي لا يملك حرية التعبير، لا يملك حرية التفكير، والذي لا يملك حرية التفكير، لا كرامة"..صدقني الراكعون لا تتم استشارتهم في اتخاذ القرارات الكبرى، حين ينتهون منك ستجد نفسك خارج التاريخ ، ليس عيبا أن تنحني للعاصفة لكن العيب أن تعتاد الإنحناء حتى في غياب الريح.