سياسة واقتصاد

زيارة مرتقبة للملك محمد السادس إلى فرنسا تختبر صدق نوايا باريس

الحسن زاين

ينتظر أن تشهد العلاقات المغربية - الفرنسية نقلة دبلوماسية بارزة تنهي حالة التوتر التي خيمت على علاقة البلدين، وذلك مع زيارة دولة مرتقبة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى فرنسا، والمتوقعة بين نهاية عام 2025 وبداية عام 2026، بحسب ما أوردته مجلة "جون أفريك" نقلاً عن مصادر دبلوماسية مطلعة.

وحسب المجلة، تأتي هذه الزيارة في سياق إعادة تشكيل العلاقات بين الرباط وباريس بعد التوتر غير المسبوق،  الذي تسبب في أزمة بين البلدين وصفت بأنها الأطول منذ استقلال المغرب سنة 1956. 

كما ينتظر أن تكتسي الزيارة المرتقبة طابعًا رمزيًا قويًا، لكونه تمثل تتويجًا لمسار مصالحة بدأ بحذر، وسط رغبة مشتركة في تجاوز تداعيات الخلاف، خصوصًا في أوساط النخب السياسية والثقافية، كما تشكل اختبارًا لنوايا باريس وقدرتها على استعادة موقعها كشريك استراتيجي في شمال أفريقيا والساحل.

وأوضح المصدر ذاته، أن المؤشرات على هذا التقارب بدأت تتكثف منذ أشهر، مع تسارع وتيرة اللقاءات الثنائية. فاللجنة العليا المشتركة بين البلدين تستعد للانعقاد في الخريف، بينما يُرتقب انعقاد مجموعة الهجرة المشتركة في باريس، إضافة إلى زيارة مرتقبة لوزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت.

 كما برزت مؤشرات رمزية، من بينها دعوة بريجيت ماكرون لعضوية مجلس إدارة مؤسسة المسرح الملكي بالرباط، والمشاركة المشتركة للأميرة للا حسناء والرئيس ماكرون في قمة بيئية، إضافة إلى الإعلان عن فتح قنصلية فرنسية بمدينة العيون.

وذكرت المجلية بأن التحول الحاسم في الموقف الفرنسي جاء في 30 يوليوز 2024، حين وجه الرئيس إيمانويل ماكرون رسالة رسمية إلى الملك محمد السادس، أكد فيها دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل جدي وواقعي لنزاع الصحراء، في صياغة تطابقت مع مواقف واشنطن ومدريد. 

هذا الاعتراف، الذي طال انتظاره، اعتُبر في الرباط شرطًا أساسيا لإعادة بناء الثقة، ومهّد لزيارة ماكرون إلى المغرب في أكتوبر الماضي، ويفتح الباب اليوم أمام زيارة العاهل المغربي إلى باريس.

واستطردت "جون أفريك"، أن هذا التقارب لم يكن بلا ثمن دبلوماسي، إذ دخلت العلاقات بين باريس والجزائر في مرحلة من التوتر الشديد بعد فشل محاولات التقارب. وتبقى بعض الأوساط الفرنسية، خاصة من اليسار والمجال الثقافي، متحفظة تجاه مسار المصالحة مع الرباط، في ظل شعور بالتهميش لدى عدد من الشخصيات التي كانت فاعلة في مرحلة الأزمة.

ورغم التحسن الظاهر، لم تستعد العلاقات الاقتصادية والثقافية زخمها الكامل. فالمغرب لم يعد يعتبر فرنسا الشريك المفضل الوحيد، بل يتجه بشكل متزايد نحو تنويع شراكاته مع الولايات المتحدة، الصين، إسرائيل، ودول غرب أفريقيا.

وأكدت المجلة أن الزيارة، في حال تمت، ستحمل أهمية سياسية ورمزية كبرى. فهي من جهة تعكس عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، ومن جهة أخرى تمثل اختبارًا لنوايا باريس وقدرتها على استعادة موقعها كشريك استراتيجي في شمال أفريقيا والساحل، في ظل منافسة جيوسياسية محتدمة على النفوذ في المنطقة.