تحليل

خمس نقاط مفصلية تحول بين أخنوش وثقة المغاربة

ميمونة الحاج داهي ( تدوينة)
السيد عزيز أخنوش،

هل تدرك كم من المسافة تفصل اليوم بينك وبين ثقة الناس؟

أعرف أن الثقة لا تُمنح بسهولة، لكنك جئت إلى الحكم وكأنك تحوزها من دون جهد. باسم النجاح، وباسم المال، وباسم حملة انتخابية مبهرة. لكن يا سيدي، السياسة لا تدار كالمقاولة، والمواطن ليس زبونا، بل شريك رئيسي في المصير.

وأنا أكتب إليك الآن، لا بد أن أكون صريحة: هناك خمس إشارات كبرى، لا يمكن أن تتجاهلها، لأنها تختصر السبب في هذا الانفصال العميق بينك وبين من صدقوك ذات يوم و لم أكن واحدة منهم.

أولا: لأنك لم تنجح في امتحان الثقة الملكية.

حين خاطبك جلالة الملك بوضوح، طالبا تهدئة الأوضاع السياسية والاجتماعية، كانت تلك لحظة ذهبية لك لتثبت أنك رجل دولة، لا مجرد رئيس حكومة. لكنك لم تلتقط اللحظة. لم تبادر، لم تشرح، لم تتحرك بالسرعة ولا بالشجاعة المطلوبة. وتركتنا نتساءل: هل اختبأت خلف المؤسسات، أم أنك لم تجد ما تقول؟

ثانيا: لأن تضارب المصالح ما زال معلقا في أعناقنا كسؤال مؤلم.

ثروتك، وشركاتك، وموقعك في السوق، كلها ليست عيبا في ذاتها. لكن حين تشتعل الأسعار، وتنتفخ الأرباح، ويترك المواطن وحده أمام موجة الغلاء، دون توضيح، دون تخفيض، دون محاسبة، يصبح السؤال مشروعا: هل تحكم لمصالحك أم تخدم بلدك؟ ولماذا لم تضع حدا لهذا الالتباس؟

ثالثا: لأنك فشلت في التواصل مع الشعب.

غيابك المتكرر عن المشهد، صمتك المطبق، خطاباتك الباردة، كلها جعلت الناس يشعرون أن لا صوت لهم فيك، ولا مرآة لهم فيك، ولا تعبير عن آلامهم فيك. ومن لا يسمع، لا يُسمع له. ومن لا يشرح، لا يُفهم. والتواصل في السياسة ليس ترفا، بل صمام بقاء.

رابعا: لأن وعودك لم تصمد أمام الواقع.

مليون منصب شغل؟ دعم مباشر؟ عدالة مجالية؟ تعليم جيد؟ صحة كريمة؟

أين نحن من ذلك؟ ما نراه هو اتساع الهوة، وتبخر الآمال، وتراجع الثقة حتى في معنى "البرنامج الحكومي". لم تطلب الناس معجزات، فقط كانت تنتظر أن ترى خطوات في الطريق... لا دخانا من نوافذ مغلقة.

خامسا: لأنك لم تحسن قيادة الفريق، ولا تحريك الحياة السياسية.

أحزاب في الحكومة بالكاد تنطق، وزراء بلا حضور ولا مشاريع، ومعارضة بلا أسنان... بدا كل شيء وكأنه مصمم ليبقى كما هو: جامدا، صامتا، بيروقراطيا. والحال أن السياسة في زمن الأزمات لا تقبل هذا السكون، ولا هذا التكنوقراط العقيم من الروح والابتكار.

سيدي الرئيس،

الثقة لا تستعار من المال، ولا تُقترض من الصورة، ولا تُخبأ خلف الأرقام. الثقة تكسبها حين يشعر الناس بأنك تعنيهم، تفكر فيهم، تخطئ فتعتذر، تحاورهم وتبادر، وتضحي أحيانا لتطمئنهم.

وأخشى أنك، رغم كل ما تملك، قد أضعت خيطها الرقيق... وتعرف، كما أعرف، أن خيط الثقة إذا انقطع، لا يخاط من جديد بسهولة.

مع كل الاحترام، من مواطنة تبحث عن معنى.