قضايا

وكالة الأنباء الجزائرية والسقوط الأخلاقي المريع

الصادق بنعلال

تشكل وكالة الأنباء في البلدان والأقطار المتقدمة الراقية المنتمية إلى المنتظم الدولي، مؤسسة إخبارية تقوم بمهمة تزويد الوسائط الإعلامية الورقية والإلكترونية بمختلف الوقائع والأحداث الوطنية والدولية، ذات الصلة بعوالم السياسة والاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا وغيرها، على أساس من الاحترام الراجح والمسؤول للقيم والأعراف والمواثيق الأممية، من قبيل المصداقية والموضوعية والحياد، بغية المساهمة الجليلة في نشر الثقافة الراقية والوعي النقدي واستنبات مرتكزات السلم والتسامح والأخوة، وهذا ما نجده في عديد الأنظمة العالمية الديمقراطية: أمريكا واليابان وألمانيا وإنجلترا وفرنسا وإسبانيا، بل وفي بعض الدول العربية المعتدلة. والاستثناء نلقاه في الأنظمة العسكرية التوتاليتارية وفي مقدمتها الدولة الجزائرية الحاكمة بأمر الجيش ابتداء وانتهاء.

وبإلقائنا نظرة عفوية وخاطفة على الصفحات اليومية لوكالة الأنباء الجزائرية، نخرج بخلاصة واضحة مفادها أن "الأنباء" التي تنقلها هذه الوكالة الإعلامية العسكرية مجرد عقد نفسية بالغة الحدة ومواضيع مرضية وأكاذيب وافتراءات للنيل من سمعة وصورة المغرب الاعتبارية، والسعي نحو عرقلة مساره في البناء التنموي الشامل. والحال أن هذه الوكالة الإخبارية المعادية للذوق السليم والرأي الحصيف كان عليها أن تنشغل بمشاكل الجزائر الداخلية وما أكثرها، عوض حشر أنفها فيما لا يعنيها. وكمثال على تهافت هذه الوسيلة الإعلامية "الكبيرة" وانحطاطها الأخلاقي المبين، أُذكِّرُ فقط بما ورد فيها يوم الجمعة 6 مايو 2022. ففي "ركن دولي" نجد الإشارة إلى "المنتدى الاجتماعي العالمي بالمكسيك الذي "يقف" على التاريخ المغربي "الدامي" في الصحراء المغربية"، و "شروع روث ماكدونو، "المتضامنة الأمريكية" مع "الناشطة" الانفصالية سلطانة خيا، في "إضراب" عن الطعام من أجل "مؤازرة ودعم" خيا، وفي الأثناء تأبى هذه الأداة الإعلامية العسكرية إلا "أن تطلعنا" على» تشديد زعيم حزب فوكس الإسباني على ضرورة تعزيز الدفاع على حدود منطقتي سبتة ومليلية الخاضعتين للإدارة الاسبانية". وعليه فإذا كانت قضايا المغرب تندرج في الأنباء الدولية فأين سنضع أحداث الحرب الروسية الأوكرانية، واقتحام المستوطنين للأقصى والعلاقات التركية السعودية وأزمة الطاقة العالمية...؟

وفي ركن "القضية الصحراوية " وليس القضية الفلسطينية التي تخلى عنها النظام الجزائري عن سبق إصرار وترصد، تهرع هذه الوكالة البئيسة إلى ممارسة هوايتها في البهتان والفسق واستهداف المغرب بنزقية منقطعة النظير، فمن "عروض وبيانات المشاركين في المنتدى الاجتماعي العالمي بالعاصمة المكسيكية حول "جرائم" المغرب في حق الانفصاليين! إلى "تجديد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي المكلف بالشؤون الخارجية والسياسة الأمنية التأكيد على "دعم" الاتحاد الأوروبي "الكامل" للمسار الذي تشرف عليه الأمم المتحدة"! وصولا إلى " تنفيذ وحدات من الانفصاليين هجمات استهدفت قوات الجيش المغربي"!

والواقع الذي لا يرتفع أن قضية الصحراء المغربية انتهت منذ أن استرجعها المغاربة بعد المسيرة الخضراء المظفرة سنة 1975، وأضحت منارة في البناء والتعمير إقليميا ودوليا، وسكان الأقاليم الجنوبية العزيزة ينعمون بالأمن والاستقرار ورغد العيش لا وجود له في "أهم" المدن الجزائرية فما بالنا في مخيمات العار بتندوف ، أما الاتحاد الأوروبي فقد اتخذ قراره العقلاني الإيجابي المتمثل في تأييد خطة الحكم الذاتي المغربية؛ الأكثر صدقية وجدية والوحيدة القابلة للتنفيذ و الأجرأة، أما الحديث عن "هجمات" الانفصاليين على الجيش المغربي فقد أضحى حديث خرافة، يثير الضحك والسخرية والاشمئزاز من الدولة الجزائرية المليئة بآبار النفط والغاز، الفارغة من المشاريع والاستثمارات والمخططات التنموية، ومتى كانت الدولة العسكرية قاعدة للنمو والازدهار والتقسيم العادل للثروة؟؟