نظام الإرث أو تعدد الزوجات أو وزواج القاصرات أو الولاية أو الحضانة كلها قضايا، ب"عمق سوسيولوجي"، كانت وستظلّ بدون شك محط جدل دائم بين مكونات المجتمع..
وهذه القضايا الخلافية لا ينفع معها ربما هذا "التوتر" في النقاش، إن لم نقل هذا "الحمق" من هذا الطرف أو ذاك..
ولست في حاجة هنا إلى التذكير بأمثلة حية من هذا العنف اللفظي الذي يتبادل فيه الطرفان اتهامات الاستئصال والاستئصال المضاد..
وربما نحن الآن إزاء انحراف خطير في إدارة هذه المواضيع الخلافية بين التيارات داخل المجتمع الواحد..
وهذه مناسبة لأذكر بأن التكفير أو التحريض على القتل ليس رأيا أو "شجاعة أو رجولة"..
كما أن فصل الدين عن المجتمع وعن تاريخ المجتمع أو الطعن في معتقدات الناس والازدراء بها ليس وجهة نظر..
ورأيي أن الدين لله والوطن للجميع..
لكنّ هذا لا يمنع ربما من ضرورة التنبيه إلى جوانب أخرى تستوطن هذا الحقل المليء بالألغام..
فحتى لو كان البعض بمرجعية فكرية مغرقة في الحداثة والتقدمية، فعليه ألا ينسى أن المنعرج جد حساس..
لماذا؟
لأن نسبة الخسارة هنا غالبا ما تكون أكبر من نسبة الربح طالما أن أصحاب المرجعية الحداثية لن يصطدموا، والحالة هذه، مع فاعلين سياسيين محافظين..
لا..
أصحاب المرجعية الحداثية سيصطدمون هنا
و"حتما" مع مجتمع مازال ربما لا يحتمل أو غير مهيئ للخوض في مثل هذه "المواضيع" بتلك الأريحية التي يتحدث بها البعض..
كما أن الحديث بلغة الحسم والجزم والتحرر المفرط في مواضيعَ دينية صرفة ليس معركة مع التيارات المحافظة ومع المجتمع المحافظ فقط..
إنه أيضا معركة ومواجهة واحتكاك مباشر مع الشّرعية الدينية للمؤسسة الملكية ومع إمارة المؤمنين باعتبارها المؤسسة المؤتمَنة دستوريا على حفظ الملة والدين.
وربما لهذا السبب بالضبط فقد قال جلالته، بصفته أميرا للمؤمنين، ذات خطاب:
"أنا لا أحِلّ حراما ولا أحرّم حلالا".
بقي فقط أن أقول:
شخصيا لا أتوقع أن تلغي المدونة المنتظرة معلوما من الدين بالضرورة أو تجنح إلى المبالغة في لغة التجريم والزجر القانوني..
لماذا؟
لأن المشرع المغربي خاصة في الشق الديني يدرك جيدا أننا في مجال تحتكم فيه الأغلبية الساحقة من الناس إلى السوسيولوجيا وإلى حركية المجتمع أولا، وليس إلى القانون وإلى العقاب..
وربما لهذا السبب ظلت بعض بنود مدونة الأسرة القديمة مجرّد حبر على ورق ولم يكن لها أي مفعول كبير في إحداث التغيير المنشود..
..