خصص موسم أصيلة الثقافي الدولي، ثاني ندواته، المنعقدة يومي الجمعة والسبت، لسبر معالم وضعية الفن المعاصر، لاسيما في ظل خطاب الأزمة الذي يخيم على تحليلات النقاد والفنانين ومهنيي الفنون.
وأكد المشاركون في الندوة أن هناك “أزمة مسترسلة للفن المعاصر، باتت تمثل جزءا من هويته، حيث صارت تعطل الحياة العامة للناس وتراجع المؤسسات الفنية عن المغامرة بعروض جديدة وهشاشة سوق الفن، والتراجعات الاقتصادية المتواترة ما يشكل جوهر الأزمة الجديدة”.
في كلمة في افتتاح الندوة، أبرز الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، أن الندوة “لحظة جديدة كان الوازع من وراءها إعمال النظر في 3 فرضيات تعتمل في سوق الفن، وهي ما بات يكتنف الممارسة الفنية لفقدان الأسلوب وافتقادها لمرجعية خاصة، ثم النضال المضطرد لمساحة التفاعل مع جمهور الفن التشكيلي، وترجمة ذلك لسوق ثقافي، ثم مصادر الإبداع في الفن التشكيلي الحديث والمعاصر، وثالثا تحول الفنان المعاصر إلى الأساليب المستحدثة خارج قواعد أسلوب اللوحة والنحت وما يتفرع عنها من قواعد جديدة”.
وأضاف بن عيسى أن “المسار الذي قطعته التجربة التشكيلية المغربية في مرحلتها المعاصرة، لم يكن مجرد تحول في طبيعة الأشغال والإنجاز، بل كان انزياحا في نهج التفكير في القضايا المتصلة بالفن وماهية الجسور التي من المفترض أن تنهض بين الخطاب البصري ومجمل أشكال التعبير والإنتاج الثقافي”، معتبرا أن الندوة تقدم “وجهات نظر بعمق فكري” حول الموضوع.
وتابع بأن “موسم أصيلة لم يكن فضاء للقاء بين ذوات مبدعة ومفكرة من مختلف أصقاع الكون فحسب، بل كان لحظة تقاطع بين أسئلة وافدة من منابع شتى من الفكر والسياسة والاقتصاد والتشكيل والموسيقى والأدب، هو تقاطع منتج لحساسية ثقافية رفيعة تتوق أصيلة وموسمها لإشاعته لأجل ترسيخ قيم الحرية والرقي والتسامح”.
من جهته تساءل الفنان التشكيلي والكاتب أحمد جاريد إن كانت الأزمة كامنة في “الفن المعاصر” أم في “الخطاب” وهل كل عمل منتج في الوقت الراهن هو “معاصر”، مبرزا أن هناك “حدودا عائمة ورمال متحركة تفصل بين الفن والفن المعاصر، تقتضي ان نهمل البعد الزمني في التصنيف وننخرط في جوهر معايير الفن المعاصر”.
وأشار إلى أن الفن المعاصر جاء من فكرة ضرورة الاستقلال عن الفنون الجميلة الكلاسيكية والأكاديمية، لان سمة الفن المعاصر هي اختراق الحدود بين الأجناس الفنية وأن يقيم جسورا بينها، مضيفا ان “المعاصرة، التي ظهرت من رحم الحداثة، قطيعة إبداعية تواقة للتمرد على القواعد والتحرر البصري”
وأكد جاريد أن “القيم الجديدة التي تسترعي الانتباه في الفن المعاصر هي الجرأة والعنف والفوضى والقبح والإثارة وشق عصا الطاعة الأكاديمية والقوانين الأخلاقية”، معتبرا أن جل الاتجاهات، بما فيها تحليلات الذكاء الاصطناعي، تعتبر أن الحديث عن أزمة الفن المعاصر بدا في تسعينات القرن الماضي، من خلال تجليات عدة من بينها “المتاجرة المفرطة” و”عجز التواصل مع الجمهور” و”الغموض المفرط لتغطية فراغ وسطحية العمل” و”الطابع النخبوي” و”الطابع الممل”.