ونبهت النقابة في بلاغ لها، توصلت "كفى بريس" بنسخة منه، إلى أن هذه الحملة الممنهجة وصلت في بعض الأحيان إلى حد الترهيب الفردي، مذكرة بأن شعار “تخليق مهنة الصحافة” الذي أضحى متاحا للجميع للتعبير عن آرائهم فيه، لا يعطي الحق لممارسة التضليل في المعلومات المقدمة والمعطيات المعبر عنها، والتي لا علاقة لها بواقع الحال المعبر عنه، بل إن عدم التحري من صحة المعطيات التي يتم الركوب عليها لاستهداف أشخاص في مواقع المسؤولية، يخرج الانتقاد من نطاقه المشروع إلى مستوى تصفية الحسابات، وهو أمر لا يقل خطورة عن العلل المتحجج بها.
وعبرت عن إدانتها كل التعبيرات المتنطعة التي تجعل حياة الأفراد مستباحة، ويتعدى الأذى الذي تسببه إلى المس بحياة محيط الشخص المستهدف، فما ذنب عائلات الأشخاص المشهر بهم، وما فائدة الاستهداف المباشر لذمم وحياة الأفراد الذين يتحملون المسؤولية، وكيف يمكن استيعاب نية النقد من أجل التصحيح في هكذا سلوك متهور وتصرف أرعن وأخرق؟
واعتبرت النقابة أن استغلال البعض لمساحات التواصل غير المنظم، وعدم تفعيل آليات المحاسبة القانونية على ما يرتكب من تشهير وترهيب بحق المواطنات والمواطنين، يشجع على التمادي في ممارسة إرهاب ” جيب يا فم وقول”، في مسعى للتركيع تارة والابتزاز في أحايين أخرى، وخلق “سيبة” تدوس على كل القوانين والأعراف وقيم “تامغرابيت” تحت يافطة “محاربة الفساد”، بينما يبتعد هؤلاء بأفعالهم وتصرفاتهم الصبيانية عن مبادئ هذا الشعار.
كما أكدت أنها تؤمن وتعتبر أن إساءة توظيف حرية التعبير بشكل صارخ يشكل خطورة بالغة على مكاسب سنوات من النضال الحقوقي، بل وتشك في الغايات والأهداف وراء هذا التمييع الذي يستهدف الحقل الإعلامي، موردة أن تناغم الخرجات غير المسؤولة التي تستهدف الأشخاص والمؤسسات، والتي تصل حد البلطجة، في استهداف الحياة الخاصة إلى درجة تهديد كيان أسر قائمة بأدوات جرمية، يعد ممارسة تستهدف حرية التعبير في ذاتها، وتشكل أفعال جرمية تستحق فتح تحقيق في شأن كل الأطراف المتورطة فيها.
وجددت النقابة مطلبها للنيابة العامة وكل الجهات المختصة بفتح تحقيق عاجل من أجل الكشف عن كل خيوط هذه الشبكة المنظمة، من المخططين والمنفذين، والتي تشكل خطرا على سمعة البلاد وحرمة مؤسساتها.
وأشارت إلى أن مطمح تجويد المهنة وتنقية بيئتها من الشوائب والأشواك يواجه اليوم بخلط الأوراق واستعمال الأقنعة المختلفة للتباكي على هذا التشخيص المشترك، والهدف من ذلك هو إيقاف ورش إصلاح القطاع من مدخل الآلية القانونية لإبقاء الفوضى التي يتغذى منها خصوم المهنة والمندسين في سلطتها الرفيعة، وتحويلها إلى رسم للابتزاز الداخلي والخارجي، وإن كل من يساهم في هذا الجو البئيس من التنابز فهو متهم بتكريس هذا الوضع.
ونبهت إلى أن خطورة ما تقترفه هذه المجموعات والأفراد البلطجية، سواء من الداخل أو الخارج، لا يقتصر ضرره على النقابة الوطنية للصحافة المغربية _ تنظيما نقابيا ومسؤولين قياديين _، بل يتعداه إلى المساس الممنهج بالمؤسسات الوطنية، بحيث يتم تصوير المغرب وكأنه بدون قضاء، وبدون نيابة عامة، تحمي حقوق الناس وأعراضهم وكرامتهم، وبدون أجهزة رقابية قانونية وأخلاقية وحقوقية، وكأننا أمام بلد يعد مرتعا للفوضى والتسيب، لا دولة مؤسسات تنعم بالأمن الاستقرار.
وأكدت النقابة أن الانتقاد المشروع للقطاع والفاعلين فيه يعد خدمة للتقدم والتطوير، فإنها تشدد على أن هذا الانتقاد سيلحق ضررا بليغا بهذا المسعى، إذا ما تم توسل هذه الوسائل القذرة، داعية الجميع إلى تقدير أهمية هذه المرحلة في تاريخ قطاعنا، بالامتناع عن التواطؤ في رعاية هذا الجو المنحط والبئيس، والاتجاه نحو النقاش العميق والهادئ لبلورة حلول وتصورات لمستقبل المهنة والمهنيين.
ودعت إلى إنتاج منظومة قانونية تحمي وتحصن المهنة والمهنيين، والتشبث بإعلاء أخلاقيات المهنة والممارسة النبيلة لإعادة الاعتبار لهذا القطاع، وتثمين العنصر البشري فيه عبر الإسراع بتوقيع الاتفاقية الجماعية، تدعو الصحافيات والصحافيين والعاملات والعاملين إلى فرز النقاش الحقيقي عن الفوضى الخلاقة التي يحاول البعض إلهاءنا فيها، والتوجه لاستكمال مهام بناء قطاع يستحق لقب السلطة الرابعة و “صاحبة الجلالة”.