فن وإعلام

سلام للراحلين بلا موعد معلن .. سلام مولاي عبد السلام

عبد الحكيم نوكيزة

ما أقسى على المرء أن يمشى في جنازة جزء من ذكرياته.

 شعرت بمرارة هذا الإحساس كم مرة، حين طوت يد المنون أحبة لا يخطر على البال أنهم سيفاجئوننا برحيل لا يطلع على موعده إلا عالم الغيب.

 آخر قائمة الراحلين في الأشهر الحزينة الأخيرة، كان الصديق الحقوقي والشاعر المرهف محمد السكتاوي.

 قبل رحيل الصديق السكتاوي، الذي رافقته ورافقني في أيام صعبة، اكتشفت فيها معدنه الأصيل، سألته في إحدى مراسلاتنا: ما هذا الشعور الذي أصبح يلازم قصائدك، وينحو بك إلى استطلاع ما وراء دنيانا؟ فأرسل لي قصيدة جميلة جدا ومؤثرة لأنس غنيم في مدح الرسول عليه السلام، ففهمت الجواب وأسعدني الشعور بحسن الخاتمة لصديق عزيز.

 الثاني في قائمة الراحلين، من دون سابق انذار، كان الدكتور لحسن البروكسي، والذي بصم على الذاكرة بما لا يتسع المقام فيه للسرد.

أما آخر الراحلين، حتى إشعار آخر (ومن يدري أن يكون كاتب هذه المرثية)، فهو قيدوم الصحافة المغربية مولاي عبد السلام البوسرغيني رحمه الله.

آخر ما تركه لدي من ذكرى، مكالمة هاتفية تلقيتها منه على هاتف الصديق محمد الامين ازروال، حين اتصل به مولاي عبد السلام فأخبره بمن يتحلقون في تلك الجلسة، فطلب منه التحدث الي والسؤال عن أحوالي، وفهمت القصد.

 فقبل أسابيع على ذلك الإتصال، كان بيننا نقاش حاد على الفايس حول التطبيع وأشياء أخرى، فكان ذلك الاتصال فرصة أكد فيها على بياض قلبه كما عهدناه، وأشعرته فيها أن الخلاف مهما احتد، لا يمكن أن يفسد احتراما ومحبة بنيت على مدى عقود.

عليك رحمة الله، وسلام لروحك الطاهرة وقلبك الأبيض السليم يا مولاي عبد السلام، وإنا لله وإنا إليه راجعون.