رأي

يوسف غريب: المغرب في زمن كورونا.. مسيرة قائد حكيم وشعب متضامن ومسؤول

... "كون غير دارو بحال المغرب.."؛ استوقفتني هذه الجملة في شريط فيديو لسيدة مغربية مقيمة بإيطاليا.. وهي تصف معاناتهم هناك مع الشعب الإيطالي الشقيق، حتى أنهم لم يعودوا يسمعون إلاّ صوت سيارات الإسعاف فقط.
وأنا أتساءل ماذا فعل المغرب حتى أصبحت تجربته في تدبير هذه الأزمة الوبائية، وبهذا الصيت العالمي، وعبر الصفحات الأولى لجرائد دولية وبكل اللغات تقريباً… ليعتبر المراقبون أن إغلاق الحدود وبشكل مبكر.. كان قراراً حاسماً وحكيماً بالرغم من خطورة انعكاساته على الاقتصاد المغربي الذي كان إلى حدود شهر فبراير بمؤشرات غير مساعدة تماما عن هذه العزلة عن العالم.
فإلى نهاية فبراير 2020 كل المعطيات المالية الاقتصادية للبلاد في تفاقم (ارتفاع المديونية، عجز تجاري متفاقم، تراجع قيمة الدرهم مقارنة مع الدولار + الأورو، تراجع معدل النمو الاقتصادي المرتقبة، إضافة إلى سنة عجفاء بسبب الجفاف...).
في ظلّ هذا الوضع الاقتصادي اتخذ قرار إغلاق، وبدون تردّدٍ، مباشرة بعدما لوحظ أن كل الحالات المصابة  -وبقلتها آنذاك- قادمة من الخارج حماية للمواطن المغربي، وانتصاراً للحق في الحياة كأولوية شرعية وأخلاقية غير قابل للمساومة... وهو ما غاب بالفعل لدى أغلبية الدول الأوروبية بالخصوص، حتى انهارت أمام هذا الفيروس المرعب... حسب كل الخطب الرسمية لرؤسائها… تدفعك المقارنة كي تقف على الوجه الحقيقي لدولتنا التي تضع الإنسان كعقيدة مركزية في هذا التدبير الاستثنائي بقيادة عاهل البلاد جلالة الملك، قائد المعركة ضد هذا الوباء، وبهذه الرؤية الشمولية لتدبير الأزمة، أهمها صندوق الدعم الذي تفاعل معه المغاربة بشكل جد إيجابي، أفرادا ومؤسسات، ليبلغ رقما قياسيا يترجم هذا الفعل التضامني المواطناتي.. لتبدأ عملية أجرأة توزيع الدعم على كل الفئات المتضررة في الأسبوع الموالي... وكأننا بهذه التعبئة المجتمعية أمام مسيرة ثانية تحت قيادة ملك حكيم وشعب متضامن ومسؤول.. ستنقل للأجيال القادمة بالكثير من الافتخار والاعتزاز… وتجعل البعض منْا اليوم يغيّر جملة من الأحكام والمواقف تجاه (المخزن) أو الدولة… التي لم تكن إلاّ نفس الدولة التي وجدناها تحمينا اليوم وعلى كافة المستويات؛ باتخاذ جميع ما تراه مناسباً ومساعداً في التقليل من انتشار هذا الوباء، بل نزلت بكل ثقلها الإداري والبشري والقانوني واللوجيستيكي لتطبيق ذلك.. وأهمها الحيازة التامة لمخزون دواء تبيّن مفعوله الاستشفائي، من خلال علاج عجوز مغربية مصابة قادمة من إيطاليا اليوم بالمستشفى الإقليمي الفقيه بنصالح، علما أنها مصابة بأمراض مزمنة، حسب الأطباء المغاربة الذين أشرفوا على علاجها..
هذا هو المغرب الذي دخل في عزلة تامْة منذ أسابيع، وفي حالة طوارئ صحيّة لمدة شهر، والسوق المغربية كما تشير الإحصائيات ستحافظ على وتيرها المعتادة كما كانت قبل الأزمة.. وبالوفرة اللازمة ولمدة تفوق ستة أشهر.. كاكتفاء ذاتي.. بما فيه الغاز والكهرباء وغيرها  من مستلزمات الحياة.
هذا هو المغرب اليوم وبهذا التميز وسط العالم المأزوم.. يؤكد أن لا حماية لنا إلاّ داخل بلدنا ولا قوّة لنا إلا بتضامننا.
هو المغرب أيضا الذي يعطي الدْرس للذين تجرّؤوا يوما على حرق العلم الوطني.. وهم بلا سقف يحميهم… درس وعبر لخفافيش الظلام.. لكل انفصالي من الداخل والخارج...
هو المغرب البلد الآمن الأمين، الذي ابتلاه الله سبحانه بهذا الوباء، فألهم قيادتنا الشجاعة والحكمة والتبصّر.. وثبّتنا على الصبر والتلاحم والتضامن.. ونحن تحت لطف رحمته تعالى.. بجعل بلدنا تحت عطف آياتك الكريمة..( أطعمهم من جوع  وآمنهم من خوف)...
يا رب يا كريم...