على باب الله

مول جافيل

المصطفى كنيت

لم تعد صفة ( مول جافيل)  حكرا فقط على عبدالإله بنكيران وحده، فقد عشنا حتى رأينا الكثير من المنتخبين يخصصون ميزانيات لشراء هذه المادة لتعقيم الأزقة والشوارع، بكميات تجعل منهم "مالين جافيل" حقيقيين.

و لو كان معمل بنكيران لا يزال مفتوحا لتسابق عليه "الإخوان" لاقتناء حاجياتهم منه، و الوقوف عند بابه... مرددين: " جيتك لبابك حبيبي..."،  وسيكون مضطرا أمام الزحمة إلى صك بابه في وجه الكثير ممن لا يقاسمونه القناعات، غير أن الله عفا عليه من "جافيل"، فأصبح اسمه الحركي (مول التقاعد الاستثنائي)، بعد أن شق طريقا صعبا بين الأزقة يدفع "كروسة" سياسية صارخا "جابيل، جابيل ..." فأدرك ما لم يدركه الكثيرون، لأن قصة الثروة تبدأ دائما بصفر درهم، أما قصة السياسية فتبدأ بإغراء الناس للإقبال على بضاعة قد لا تصلح لشيء، بإظهار مزاياها، وهذا ما فعله بنكيران بالضبط، حين ظهر له أن الصراخ قد يتحول إلى خطابة، فاعتلى المنبر على ظهر إخوانه في التنظيم "الإخواني" قبل أن يقفز على ظهر حمار حركة "20 فبراير" البائدة، ويتخلى عن صناعة "جافيل" ليمارس حربائيته في اختلاق العفاريت والتماسيح.

و لا شك أن إغلاق المعمل هو الذي جعل بنكيران يصاب بـ "اللقوة"، و يبلع لسانه أسفا على ما كان سيجنيه من أرباح تفوق بكثير أموال التقاعد ومداخل المؤسسات التعليمية الخاصة التي تنهب جيوب أباء وأولياء التلاميذ، ودفعت بـ 47  ألف من مستخدميها للاستفادة من دعم صندوق الجائحة، ظلما وعدوانا، بشهادة وزير من حزبه، ولا ندري إن كانت مدارس بنكيران شدت عن هذه القاعدة أم أنها تعاملت بدورها مع " كورونا" بمنطق "الغيمة"، وهو ما جعل، هذا التعليم الخصوصي، الذي "كبرت له البعرة"، وكان في زمن ولى ملجأ للساقطين والمطرودين من المدرسة العمومية، يسقط في أعين الرأي العام. وأتوقع أن تكون أعداد العائدين  إلى المدرسة العمومية في الموسم القادم  بمئات الآلاف بعد أن فر من التعليم الخصوصي ،هذه السنة، 52 ألف تلميذ حسب إحصائيات وزارة أمزازي.

لنعد إلى "جافيل"، وميزانية "جافيل"، و الذي لم يعد شأنا يهم المنتخبين وحدهم، بل غدا أمرا يحرق " أعين" الصحافة أيضا، حيث رأت فيه بعض المواقع، مهنة جديدة، فشرعت في جر كروسة بين الأزقة صارخة "جابيل ... جابيل" بعد أن اعتقدت أن عاقلا قد يثق في جودة منتوج من "الما والزغاريت".

صحيح أن المجالس المنتخبة خصصت ميزانية لشراء مواد التعقيم وآليات الخاصة به، لكن ليس لاقتناء كميات من "جافيل" بمبلغ مليار و200 مليون سنتيم أو بملياري سنتيم، لأن في هذا تضليل للرأي العام وتحريض له، وفيه انتهاك لقواعد المهنة، ولن أقول أخلاقياتها ( الله يرحمها) ...

وكما يقول المغاربة: " لهبيلة سمعت الزغاريت و ما بغاتش تسكت".