على باب الله

شكرا السيد الوزير على قانون "تكميم الأفواه"

المصطفى كنيت

شكرا للسيد الوزير محمد بنعبدالقادر الذي وضع قانونا لـ "تكميم الأفواه".

وشكرا لحكومة العثماني، التي صادقت على هذا المشروع، الذي سيقي المجتمع من "الفيروسات" التي تخرج من الكثير من الأفواه، وتعلق بالجدران والزجاج والأواني ومقابض الأبواب، وتحتاج إلى مواد التطهير والتعقيم حتى لا تلصق "نطفة" الحقد والخديعة والدجل في القلب.

شكرا للمشروع، الذي لا يُكمم الأفواه بل يعري أيضا الوجوه، التي تختبئ وراء صفحات الفضاء الأزرق، و الأسماء والصور المزورة التي تُطل علينا بالألقاب، و باقات الزهور، التي تنبث في مزهريات تُسقى بدم  الكراهيية والجحود، و تستتر أحيانا بآيات القرآن، وأحاديث الرسول الكريم ( ص) وأقوال الفلاسفة و لواحات الرسم التشكيلي، وتستعرض كل أنواع الإعاقات، والفضائح، التي قد تصيب الشرف والحسب والنسب.

شكرا للوزير، لأنه لن يصبح بمقدور برلماني أن يضع حسابا مزورا يتجسس فيه على الصفحات أو بإمكان رئيس جماعة أن يجند الصفحات، التي يقتات روادها من ميزانية الإنعاش الوطني من أجل تلميع صورته، ومهاجمة كل من انتقد تبديره للمال العام.

شكرا السيد الوزير مرة ثانية، لأنكم حركتم بركة "الفايسبوك" الآسنة التي يختفي في مياهها العكرة الكثير من "الفكارن".

لا تخشى، السيد الوزير، من كل هذا الصراخ المفتعل، لأنه على رأي المثل الشعبي: "مول الفز تيقفز"ّ.

ولا يحزننّك كلام أصدقائك في الحزب، الذين يريدون تحميلك مسؤولية طمس تاريخ الاتحاد الاشتراكي.

و لا تخف، فالسيد إدريس لشكر مستعد ليتخلى عنك في أول الطريق، ومستعد أن يحرق اسمك، و يمسح فيك كل الذنوب والأخطاء والآثام من أجل أن تظل صفحته على " الفايسبوك" بيضاء ناصعة، باسم حرية التعبير، لأنه هو أيضا من طائفة: " مول الفز تيقفز".

لا أفهم سر كل هذا الخوف والارتجاف والبكاء والتباكي على حرية التعبير والرأي والتعري والدعارة الفايسبوكية، لمجرد أن قانونا يفرض على مستعملي منصات التواصل الاجتماعي أن يزيلوا النقاب و يحلقوا الوجوه والرؤوس ويطلوا علينا بأسمائهم و وجوههم التي صورهم فيها الله سبحانه وتعالى.

ولا أدري سر إقامة كل هذه المناحة ( المندبة) باسم حرية التعبير التي يكفلها الدستور الذي هو أسمى قانون للبلاد.

ولا أفهم هذا التعويم المغلوط لحرية التعبير، التي لم تكن يوما هي التحريض على الكره و نشر الأخبار الزائفة.

الذين يحرصون على حرية التعبير يمارسونها بأسمائهم بـ " وجه أحمر"، يعبرون عن رأيهم في قضايا تهم الرأي العام، من دون حقد أو كراهية أما الذين يعتقدون أن أفواههم ستكمم فمن الأحسن أن يكمموها حتى لا يحط عليها المزيد من الذباب، وعلى رأي المثل الشعبي: " الفم المزموم ما تدخلوا دبانة".وكما يقول سيدي عبدالرحمان المجدوب: " لا تكلم حتى تخمم لا تعود ليك فضيحة"، والثابت أن فضائح "الفايسبوك" لا تنتهي، وهو السياق الذي يفرض وضع قانون "تكميم الأفواه"، التي لا تفهم معنى حرية الرأي والتعبير.

و مع ذلك، فهذا لا يمنع من القول إن المشروع بالغ كثيرا، في بعض مقتضياته، في تكميم، الحق في الانتقاد، وتحكمت في صياغة بعض مواده خلفيات حملة المقاطعة التي استهدف، قبل سنتين، بعض الشركات، و الانتقادات التي توجه لمؤسسات الائتمان ومن في حكمها...

وبه الإعلام والسلام