تحليل

متشددو قريش في أحواز عاصمة المملكة المغربية

سعيد جعفر*

في الشكل تسمية أزقة و شوارع بأسماء لغير مغاربة لا يطرح مشكلا لا ثقافيا ولا قانونيا ولا حتى سياسيا لأن المملكة اختارت الإنفتاح وتشكلت لها مناعة في ذلك.
وفي حالة تسمية المجلس الجماعي لتمارة لأزقة بأسماء مشرقية ليس مشكلا في ذاته لا سيما أن هناك ازقة بأسماء الصحابة وتابعيهم وفقهاء وأهل حديث في كل المدن المغربية، وهذا امتداد للإنتماء العربي الإسلامي للمملكة المغربية والمتضمن في الدستور الذي توافق عليه المغاربة.
إن المشكل في التسميات الجديدة أعمق من ذلك وأخطر وهو ضد اختيارات الجماعة البشرية بالمغرب مجتمعا ودولة،
إنه ونقولها صراحة هو استدعاء لأسماء شخصيات متطرفة ومتشددة، وللتدقيق أكثر فهي متشددة ومتطرفة في زمانها وكان منها من هو متطرف ومعادي للرسول صلى الله عليه وسلم نفسه.
إن البعض من هؤلاء كان حارب بفكره قيام الدعوة المحمدية والدولة الإسلامية، ولهذا هذا استلاف غير بريء ويكشف عن نوايا أكبر من التسميات في ذاتها.
وتوطينها بأحواز الرباط فيه ما فيه وله ما له. إنه تطويق للحداثة التي تشكلها المؤسسات من حكومة وبرلمان و مجلس أعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وإدارة الضرائب و بنك المغرب ودار التلفزة والمجلس الأغلى للحسابات وغيرها بحوز وسور تقليدي و ضد حداثي.
وهو الجزء الثاني والمكمل من تصريح سابق لبنكيران من قلب مقر الحكومة ومقر حزبه بالليمون بأننا نحكم بما حكم به ابن تيمية.
وهو قوس مفتوح وثابت يتغير فقط بتغير الشخوص، ولا يجب أن ننسى أن الدكتور العثماني ليس إلا مورو النهضة بالنسبة للعدالة والتنمية وهو منظر "فقه المشاركة السياسية" من أجل التمكين من السلطة.
في المضمون:
هذا ليس قرار مجلس جماعي لأعضاء منتخبين عدد منهم بمستوى تعليمي بسيط إلى منعدم.
هذا قرار سياسي فكر فيه وفحص وأنجز واتخذ في غرفة عمليات خلفية ربما في حي الليمون وربما خارج الحدود و هو يوجد عميقا في وجدان محركي الخلافة في العالم العربي.
الدليل أن نفس العقل الذي أطلق تسميات لشخصيات متشددة في تاريخ الإسلام هو نفسه الذي اطلق تسميات في مدينة أكادير قبل عام.
الذي لن يربط بين التسمية في اكادير والتسمية في الرباط لا يفهم العقل الفقهي السياسي جيدا، ويحتاج قراءات معمقة في قراءة التراث الفقهي الإسلامي، وهذه تخصصي دون منافحة او تبجح.
العقل الفقهي السياسي يتخيل نفسه مفارقا وفوق العقول المتفرقة ولهذا لا يقنع بالقطر الواحدة و يجعل الأمة فضاءه الاصلي والخلافة وسيلته.
لهذا احدث غرف عمليات أممية في كل شيء، في التوجيه بالدين عبر اتحاد علماء المسلمين، وفي الإعلام عبر الحزيرة، وفي السياسة عبر الليبرالية السياسية، وفي الاقتصاد عبر الليبرالية الإقتصادية، وفي الثقافة عبر نموذج فقهي ودعوي متشدد تمثله الصحوة الإسلامية و تفصيلاتها وصولا لعمرو خالد و الشيخ حسان والفايد و الشيخ رضوان..
ضمن هذه الإحداثيات يجب فهم التسميات بين اكادير والرباط.
اكادير هي بداية المغرب الأمازبغي والرباط هي عاصمة المملكة و رمز المغرب الأمازيغي العروبي والأندلسي والإفريقي.
وقرار التسمية بأكادير والرباط هو تسوير هوية المغرب الأصلية الامازيغية الأندلسية الإفريقية الصحراوية العروبية المعتدلة العائدة إلى الرسول ص عبر فاطمة الزهراء ض وعلي بن ابي طالب ض، بهوية متشددة لشخصيات نازعت النبي ص شرعيته ومنهم الأقرع بن حابس في اللوحة.
هذا عقل شمولي ومفارق يتحرك في كل المستويات بفلسفة و تخطيط وبرنامج من خارج الأدوات التي تنتخب، والتحالف الموضوعي مع ديمقراطيي أمريكا في 2011 كان لتسريع تحقق هذا المخطط، وسيستمر ومع الإدارة الأمريكية الديمقراطية القادمة وتتكفل به غرفة عملية مجلس الحكماء للبث في محتوى الفايسبوك والأنستغرام
إن مهمتي كمثقف هي ربط الوقائع رغم تباعدها و تحليلها واستخراج المجاهيل منها، وفي الحقيقة هذا عمل للجن الدراسات الاستراتيجية في اجهزة المخابرات و الأحزاب الجدية ومكاتب الدراسات الاستراتيجية المملوكة للدول،
ولكن وبوجود طبقة سياسية منغمسة في الريع الاقتصادي وفي الحروب بالوكالة وانعاش الولاءات والحلقيات الانتحارية و مكاتب الدراسات الرقمية دون روح فلسفي او إيديولوجي، فالمشروع القرشي الإخواني يسير بثقة في النفس وهو الآن في أحواز عاصمة المملكة المغربية رباط الفتح.
وجه الغرابة ليس في الطبقة السياسية فهي ضعيفة لا هي تقرأ الأحداث والوقائع ولا هي تنتج أفكار واستراتيجيات، والبعض منها غارق في التكتيك والمناورات البئيسة ويعيش طريدا في مقره وفي أناه المضخمة،
ولكن وجه الغرابة هو هذا العمى الذي أصاب الحاسة الاستخبارية لجهاز الداخلية في أحواز عاصمة المملكة الرباط وفي حوز المغرب الأمازيغي اكادير،
إنها لعمري واحدة من أكبر زلات القرار الأمني المغربي، وفي أحواز عاصمة المملكة هناك أسماء ازقة لمتشددين و كافرين ومنازعين للرسول ص تماما كنفس الأسماء في قندهار وتورابورا وريف أدلب.
إنها عثرة مهنية وأخلاقية لجهاز ينجح في تفكيك خلايا إرهابية نائمة ونشيطة بشجاعة وعلمية قل نديرها تستحق التشجيع والفخر،
ولكنه يغفل عن تفكيك خلية متشددة ثقافيا وفكريا وهوياتيا في جنب الرباط، وقد تمر وفود رسمية منها!!
آلاف التلاميذ والتلميذات الذين سجلوا عناوينهم لدى مدارسهم ماذا سجلوا في دفاترهم وفي أغلفة الطرود التي تركوها في بداية السنة الدراسية؟
ما هي الأسماء التي يحتفظ بها كيمياؤهم وذهنهم ومفكرتهم؟
و كيف يستطيعون التوفيق بين أسماء العلماء المغاربة والملوك وكبار رجالات المقاومة والوطنيين التي تسمى بها مدارسهم و اسماء متشددين في ازقة سكناهم؟
إنه عمل جبار وعميق يتم يا سادة لفصل الهوية المغربية وشرخها و خلق شروخ للأجيال اللاحقة. وقد أغفلته مصفاة العقل الأمني-السياسي وأما الأحزاب السياسية فعدد منها مجرد قواقع فارغة يملأها زيد وعمرو من أهل المغنى والنتف و المشرب والمطرب و البراحين والعلامين على حد قول الماريشال قيبو رحمه الله.
ما المطلوب الآن على وجه السرعة؟
- إن عريضة وطنية للمطالبة بتحرير العاصمة الرباط من الاختراق المتطرف والمتشدد يجب أن تنطلق الآن، والمبادرة التي فتحتها جمعية اميج بتمارة يجب أن تتعزز بمبادرات أخرى.
وهذه الصفحة ستطلق مبادرة في الموضوع في اقرب وقت.
- إن سلطات الوصاية مطالبة عاجلا بالتدخل لتنبيه المجلس الجماعي لتمارة و في حال الامتناع يجب عليها ممارسة صلاحياتها في حماية الأمن القومي..
- إن النسيج الجمعوي و الإعلام الحر والجمعيات الحقوقية و المثقفين و المواطنين والمواطنات الذين يحبون هذا الوطن و يؤمنون بتنوعه وبإسلامه المعتدل والوسطي مطالبين بفضح هذا السطو على الهوية الوطنية عبر استغلال التفويض الشعبي في الانتخابات.
*باحث أكاديمي