سياسة واقتصاد

عن تدنيس نصب سي اليوسفي... التاريخ يتذكر الشرفاء فقط

عبد العزيز المنيعي

الوطنيون الحقيقيون يكتبون التاريخ، والمدّعون الذين يرضعون من "بزولة" اليوميات ما شاءت لهم شهيتهم المفتوحة من حليب المنافع، لا يتجاوزون فقرة واحدة من تاريخ الشرفاء يغرقون في جمل مليئة بالفواصل ونقاط الحذف وعلامات التعجب، ويمضي التاريخ ليذكر من ماتوا وتركوا الإرث الحقيقي، وينسى من ماتوا بعد أن أغرقوا حياتنا بالترهات والحقد ومعاداة الرجال.
صباح الاحد، 31 ماي 2020، امتدت أياد آثمة إلى النصب التذكاري الذي يخلد لحياة رجل كبير وقامة باسقة في العطاء الوطني، الفقيد سي عبد الرحمان اليوسفي.
تلك الأيادي لم تجد ما تفعله أمام هالة الرجل الذي رحل وأبقى فينا ما يشهد عليه وله بالتميز، سوى أن تقوم بتدنيس النصب التذكاري، وقد ظنت أنها آذت الرجل، لكنها تمكنت فقط من ان تؤذي قلب المغاربة الذي اهتز وهو يتأمل ما فعله الحقد والكراهية والبغضاء.
واقعة تدنيس تذكار اليوسفي، تدل على شيء واحد ووحيد وهو العجز التام امام منجزات الرجل، فلا احد يستطيع أن يتطاول على تاريخه المحفور في يوميات المغاربة، كمحطات وتواريخ وبراهين وعطاء، وليس مجرد كلام في لايفات رقمية تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي.
تدنيس النصب، هو ثانيا فعل مصدره نفس مدنسة بتركتها السوداء، وبتدميرها لكل القيم الحقيقية والأصيلة التي تبني وتؤسس لمسارات السياسيين والوطنيين.
طبعا، الفاعل مجهول "الهوية"، لكنه معروف الصفة ونتانة أنفاسه لا تحجبها شعيرات ذقن أو عمامة وهمية أو عباءة مستوردة أو تسبيح إلكتروني.
ويبقى التكهن غير وارد، ولنقل جميعا إن الأيادي التي امتدت لتدنس نصب الراحل سي اليوسفي مجهولة لحد الآن، وطبعا وأكيد أن المصالح الامنية ستتمكن من معرفة من هو أو من هم..
لكن التزامن المريب بين حملة ظلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، تقارن بين اليوسفي وبين صاحب النكات السياسية فقيه منزله الذي قال "فهمتي او لا"، وختم ب"انتهى الكلام"، كافية لأن تشير بأصابع الاتهام مباشرة إلى المناصرين ممن أعميت بصيرتهم قبل بصرهم ووطؤوا أرضا محرمة وأقدموا على إثم أكبر من رأسهم الفارغ.
التزامن رهيب مع تدوينات تحاول أن تدخل الجمل من ثقب الإبرة، يفيد ما يفيد ويقود رأسا إلى الاستنتاج المنطقي وهو محاربة المجد بقلم الرصاص.
ونسأل ببساطة وعفوية، ما الفرق بين هؤلاء وطالبان؟
ما الفرق بين هؤلاء والقاعدة ؟
ما الفرق بين هؤلاء و داعش؟
العقلية نفسها، والممارسات ذاتها، والإجرام بشكله وفصله يتكرر في حق الإنسان حيا أو ميتا..
فهل تنال يد غرفت من غائط المغانم، ولطخت نصبا تذكاريا يرمز لمرحلة غاية في الأهمية من تاريخ المغرب الحديث، من مسار رجل من قامة المناضل والمجاهد اليوسفي... أبدا..
عبد الرحمان اليوسفي رجل دولة حقيقي ومحترم ووازن، أحبه المغاربة لصدقه ونزاهته وعفته وعالمتيه..
اليوسفي رحمه الله لا يقارن مع البؤس ولا يقارن مع الظلام... يقارن فقط مع المناضلين الشرفاء الذين آمنوا منذ الاستعمار بمغرب حر و ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية و كرامة الإنسان في معيشه اليومي..
الذاكرة لن تمحى والتاريخ لا يفنى والإنسان الحر لا ينسى ويبقى حرا في حياته ومماته..
ونختم بالتأكيد على أن السلطات المختصة عليها أن تتعقب هؤلاء المجرمين أينما كانوا وتنزل بهم أشد العقاب فلا تهاون مع الكفار الجدد بالوطن والوطنيين..