سياسة واقتصاد

سمعة المغرب في العالم... دراسة تكشف تفاصيل التحسن الملموس جدا سنة 2020

كفى بريس

تميزت نسخة 2020 - سنة كوفيد 19- من دراسة استقصائية حول سمعة المغرب في العالم، بتحسن جد ملموس في مؤشر السمعة الخارجية للمملكة ، والذي أظهر اتجاها مستقرا خلال الفترة المتراوحة بين سنتي 2017-2019 .

وحسب الدراسة التي أنجزها الملكي للدراسات الإستراتيجية ( IRES ) ، بشراكة مع المؤسسة الدولية " The Reptrak Company " ، الرائدة عالميا في مجال " بناء الهوية البصرية للأمم " " Nation Branding "، فقد سمح ذلك بانتقال سمعة المغرب الخارجية في سنة 2020 إلى مستوى أعلى من متوسط 72 دولة تم تقييمها من قبل المؤسسة.

وحسب الدراسة، فقد حصل المغرب في سنة 2020 على 64.2 نقطة في مستوى مقياس يتكون من 0 إلى 100 نقطة للمؤشر العام للسمعة " Country RepTrak® Pulse " ، مسجلا بذلك تحسنا بمقدار 5.4 نقطة مقارنة بترتيب سنة 2019 والملاحظ أن هذا التقييم الإيجابي لسمعة المغرب الخارجية يعتبر هو الأعلى منذ إطلاق الدراسة الاستقصائية حول سمعة المغرب في العالم سنة 2015 ، مما مكن المملكة من الانضمام إلى أفضل 30 دولة تتمتع بسمعة طيبة لدي مجموعة الدول الثمانية ( G7 + روسيا ) .

وشملت النسخة السادسة من الدراسة الاستقصائية حول سمعة المغرب في العالم، عينة من 24 دولة، بما فيها بلدان مجموعة الثمانية السابقة ( G7 + روسيا ) ، والتي تمثل من جهة أسواقا واعدة بالنسبة للعرض التصديري للمغرب . كما تشكل من جهة ثانية أسواقا واعدة لجذب السياح والاستثمارات المباشرة نحو المملكة . بالإضافة إلى 16 دولة متقدمة أو صاعدة تنتمي لأهم مناطق العالم ، والتي تشكل أولوية في إستراتيجية تموقع المغرب على المستوى الدولي .

ومن خلال احتلاله للمركز 27 من بين 72 دولة شملتها الدراسة ، كسب المغرب 8 مراتب مقارنة بترتيبه في سنة 2019 وبالمقارنة مع 55 دولة ذات أعلى ناتج محلي إجمالي ، احتلت المملكة في سنة 2020 من حيث مؤشر السمعة ، لدي مجموعة الدول السبعة + روسيا ، الرتبة 26 ، ما مكنها من كسب 6 مراتب مقارنة بتصنيفها في سنة 2019 لقد تحسن بشكل ملحوظ مؤشر السمعة بين سنتي 2019 و 2020 على مستوى غالبية السمات " attributes " . وسجلت بالخصوص سمات " العلامات التجارية والشركات المعترف بها " و " التكنولوجيا والابتكار " أعلى الدرجات في مجال تحسين السمعة والجدير بالذكر أن هذه النتائج تم الحصول عليها في سياق صعب اتسم بجائحة كوفيد 19 ، لأن استطلاع 2020 تم بين شهري مارس ومايو ، في أوج فترة الحجر الصحي .

وأوضحت الدراسة، أن الجهود التي بذلتها السلطات المغربية بقيادة الملك محمد السادس، في إدارة الأزمة الصحية، ساهمت في التحسن الملحوظ لمؤشر سمعة المغرب الخارجية . وقد أظهر تحليل محتوى وسائل الإعلام الإلكترونية الرسمية أن المملكة تم الاستشهاد بها كمثال في هذا المجال . والملاحظ أن سمعة المغرب لدى مواطني مجموعة الدول السبع + روسيا في سنة 2020 تعادل سمعة تايوان وماليزيا والأرجنتين . أما في فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا فهي إيجابية للغاية . لكن في المقابل تصل سمعة المغرب إلى مستوى منخفض في تركيا والشيلي وجنوب إفريقيا ونيجيريا والسويد .

وتؤكد نسخة 2020 صحة الاستنتاجات التي تم الخروج بها في النسخ الصادرة بين سنتي 2015 و 2019 ، فيما يتعلق بسمعة المغرب لدى مواطني مجموعة الدول السبع + روسيا . ويمكن رصد عناصر التقاطع فيما يلي : يتمتع المغرب بسمعة خارجية متوسطة بالمقارنة مع أكثر من 70 دولة شملتها الدراسة التي قامت بها مؤسسة " The ReptrakCompany " . فسمعته أفضل من سمعة إندونيسيا ودول البريكس ، وتتجاوز بكثير سمعة تركيا ومجموع الدول العربية والإفريقية .

إن دراسة سمعة بلد من البلدان تستند على عدد من السمات التي يمكن تصنيفها حسب ثلاث أبعاد : وهي جودة الحياة ، وجودة المؤسسات ومستوى التنمية . وقد لوحظ أن نقاط قوة المغرب من حيث السمعة الخارجية تتعلق بالسمات ذات الصلة بجودة الحياة ( بيئة طبيعية جيدة ، وسائل الترفيه والتسلية ، ساكنة تتميز بالطيبوبة وحفاوة الترحاب وأخيرا نمط الحياة ) . حصلت السمات المكونة لجودة المؤسسات ، خاصة المحيط الاقتصادي على تقييمات نسبيا أقل إيجابية من المتوسط العالمي، بالنسبة ل 72 دولة مدرجة في الدراسة .

وبخصوص مستوى التنمية، فإن التقييمات كانت أقل إيجابية فيما يتعلق بسمات خاصة بالابتكار والقدرة التكنولوجية للبلد ، والاعتراف بالمقاولات والعلامات التجارية والنظام التعليمي ، وذلك بالرغم من التحسن الكبير الذي تم تسجيله بين سنتي 2019 و 2020 في هذا المجال .

و أظهر تحليل النتائج المتعلقة بسمعة المغرب خلال سنة 2020 ، في كل من بلدان العينة المختارة من طرف المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية والدول الأربع المرجعية التالية ( تركيا وجنوب إفريقيا والمكسيك والشيلي ) ما يلي :

* يتمتع المغرب في بلدان أستراليا ومصر والصين بأعلى تقييم إيجابي حول السمعة .

* يعتبر المغرب الأفضل سمعة في أستراليا ومصر بالنسبة لغالبية السمات مقارنة بمجموع الدول المرجعية تتفوق سمعة المغرب في الصين ، بشكل عام على سمعة المكسيك وتركيا وجنوب إفريقيا .

في المقابل ، تظل أقل إيجابية من سمعة الشيلي . السويد ونيجيريا وجنوب أفريقيا وتركيا وهولندا وإسبانيا ، وبدرجة أقل، كينيا وكوريا الجنوبية لديها تقييم أقل إيجابية حول كل من المغرب والدول المرجعية .

* يحتفظ المغرب يشكل عام بميزاته على تركيا وجنوب إفريقيا والمكسيك بالنسبة للسمات المرتبطة على وجه الخصوص، بجودة الحياة وجودة المؤسسات . وتتقلص الفروقات مقارنة بالشيلي ، التي تتقدم قليلا على المغرب في معظم سمات النموذج المدروس .

وفيما يتعلق بالسمعة الداخلية للمغرب ، والتي تعود إلى مجموع التصورات التي كونها المغاربة حول بلدهم ، فقد سجلت تحسنا قويا ( +10.6 نقطة ) في اوج فترة الحجر الصحي سنة 2020 ، بعد تسجيلها الاتجاه تنازلي بين سنتي 2017 و 2019 ، لتعود إلى المستوى التاريخي المسجل في سنة 2017 ، أي 70.9 نقطة من أصل 100 ضمن المؤشر العام لسمعة الدول . وقد لوحظ هذا التطور الإيجابي على مستوى جميع السمات التي تشكل السمعة الداخلية وسجل المغرب في سنة 2020 أحد أقوى معدلات التحسن من حيث السمعة الداخلية ، كتلك المنشورة من طرف بعض البلدان المتقدمة أو الناشئة مثل إيطاليا والبرازيل وتركيا .

ويمكن تفسير تحسن السمعة الداخلية للمملكة بعودة ثقة المواطنين المغاربة في المؤسسات الوطنية ، في سياق يتميز بجائحة الفيروس كوفيد 19 . ولوحظ أن سمعة المغرب الداخلية أعلى بكثير من السمعة التي يمنحها المغاربة للبلدان المرجعية ، ومن بينها تركيا والشيلي والمكسيك وجنوب إفريقيا . لكن يجب أن نتذكر أن المغاربة كانوا ينظرون من قبل إلى تركيا على أنها أفضل من بلادهم .

وتكشف مقارنة السمعة الخارجية للمغرب في عام 2020 ( في مجموعة الدول السبع + روسيا ) بالسمعة الداخلية ما يلي: على غرار نسخ سنوات 2015 و 2016 و 2017 و 2018 ، فإن المغرب ليس استثناء للقاعدة العامة - التي تنص على أن التقييم الإيجابي الداخلي يكون أعلى بكثير من التقييم الإيجابي الخارجي - مادام مؤشر سمعته الداخلية يتجاوز بما يقارب من 7 نقاط سمعته الخارجية . تجدر الإشارة إلى أن المملكة كانت سنة 2019 استثناء لهذه القاعدة بحكم أنها كانت قريبة من الدول الأكثر انتقادا لنفسها . يعتبر المغاربة أكثر من الأجانب أن بلادهم غنية بالثقافة والتاريخ ، وتتمتع باحترام دولي ويسودها الأمن وساكنتها تتميز بالطيبوبة وحفاوة الاستقبال .

وبالتالي فهذه هي الفرص التي يجب على المملكة العمل عليها في مجال التواصل حول صورتها في الخارج باعتبارها كفيلة بتعزيز الموقع الدولي للمغرب وتوطيد سمعته . فالسمعة الداخلية أقل إيجابية من السمعة الخارجية في مجال التكنولوجيا والابتكار ، ونظام التعليم ، واستخدام الموارد ، والعلامات التجارية والمقاولات المعترف بها ، والأخلاق وشفافية البيئة المؤسساتية والسياسية ، والرعاية الاجتماعية ، ونمط الحياة وجودة المنتجات والخدمات . فهذه هي النقائص التي من شأنها أن تشكل مخاطر حقيقية على كل من سمعة المغرب الداخلية والخارجية ، وسيكون بالتالي من الضروري مواجهتها والتغلب عليها .

في تبرز التقارير الصادرة حول سمعة المغرب في العالم بين سنتي 2015 و 2020 اتجاها تصاعديا سمعة المغرب الخارجية وتقلبا في سمعته الداخلية ففيما يتعلق بالعلاقة بين السمعة وخلق القيمة ، بينت الدراسة وجود علاقة قوية بين متغيرات السلوكات الداعمة تجاه الدولة ومؤشر السمعة .

فالسمعة تؤثر في الواقع على اختيارات الفاعلين الاقتصاديين . وفي حالة المغرب ، کشف تحليل تأثير السمعة على خلق القيمة في سنة 2020 ، أن كل نقطة تحسن في السمعة الخارجية للمملكة تؤدي إلى زيادة محتملة في عدد الوافدين بغرض السياحة بحوالي 12 % .

وباختصار، توصلت النسخة السادسة من الدراسة حول سمعة المغرب بالعالم إلى الاستنتاجات التالية تتمتع المملكة على العموم بصورة دولية إيجابية تعكس التقدم المحرز في بناء مكانتها تدريجيا كقوة جذابة . إن نقاط قوة المغرب من حيث السمعة الخارجية ، تتعلق بالسمات المتعلقة بجودة الحياة والأمن . أما نقاط ضعفه فتتعلق بالسمات المتعلقة أساسا بمستوى التنمية . إن عودة الثقة في المؤسسات من خلال التحسن الإيجابي جدا في السمعة الداخلية ، تستحق الحفاظ عليها وتوطيدها باستمرار ، خاصة في أفق الموجة الثانية المحتملة لوباء 19 - Covid .

يجب على المغرب القيام بإصلاحات بعيدة المدى ، خصوصا في مجالات التعليم والابتكار والتكنولوجيا ، وتطوير رأسمال العلامة التجارية وجودة المنتجات والخدمات التي تقدمها البلاد . ومن المرجح أن تؤدي الجهود المبذولة في هذه المجالات إلى تعزيز سمعة البلاد الداخلية والخارجية بشكل كبير . .

لقد حان الوقت مرة أخرى ، لبناء علامة تجارية مغربية دائمة وقوية . ويجب تعزيز صورة المغرب على الصعيد الدولي من خلال توجيه رسالة قوية تسلط الضوء على التطور الذي أحرزته المملكة في مختلف المجالات . وتمثل الأزمة الصحية فرصة حقيقية للمغرب لمواصلة تعزيز سمعته الداخلية والخارجية .

فعلى المملكة أن تتبنى باستمرار منهجا تواصليا يساعد في رفع منسوب ثقة مواطنيها وشركائها الأجانب . بحكم أن مستوى معرفة المغرب من قبل الدول التي شملتها الدراسة بلغ حوالي 40 ٪ منذ سنة 2017 ، فهذا في حد ذاته يمثل فرصة يجب على المملكة أن تنتهزها لتطوير التواصل مع الخارج وتعزيز سمعتها الخارجية.