قضايا

دعم "الفنانين" في زمن "كورونا"

عبد العزيز المنيعي

انقسمت قبيلة الفنانين المغاربة، بين فرح بنتائج الدعم وبين غاضب مستنكر لإقصائه، حتى إن بعضهم تساءل "من سيشتري كفني؟".

تلك اللهفة وذلك الترقب الذي ساد الوسط الفني المغربي قبل الإعلان عن نتائج الدعم الذي اختارت له وزارة الثقافة لقب "الإستثنائي"، رغم أنه اجترار لما سبق من مواسم الدعم الفائتة، أتى على ما تبقى من أمل لدى العديد من الفنانين، منهم من يشتغل في المسرح ومنهم من يعانق الغناء والموسيقى.

لكن في المقابل، نجد أصواتا تعالت لتعلن فرحتها، ومنهم من نشر تدوينة "الحمد لله"، كما لو أنه كان يمر من صراط العيش المستقيم، والحقيقة أن أغلب الفنانين اليوم هم يمشون على هذا الصراط الحاد الذي يكاد يقطع أرجلهم من أمام وليس من خلاف.

بين هؤلاء الفرحون وهم قلة، وبين الذين أعلنوا انتسابهم لفريق "المحكورين"، مسافة بسيطة جدا، تتجلى في رؤية الامور على حقيقتها وتبيان أن الدعم لم ولن يفك مشاكل المشهد الفني أبدا، بل يزيد من هوة المعيش ويؤجل الأحلام الكبيرة في مسرح متألق وأغنية قوية وتلك هي المصيبة حقا، أن تتحول القبلة إلى فقأ العين مثل "بلارج"..

لنتوقف قليلا، ودون مزايدات نقول أن الدعم حاد عن طريقه الذي من أجله تم إقراره، فهناك دائما في ركن مظلم نجد فئة تنتمي للفن المغربي المنسي و المغبون والسري والمعلن ، فئة تعيش اللحظة ذاتها منذ سنوات خلت. بل إنها تطعمت بالعديد من الخرجات و الفلتات و الإضافات و خلافها من البهارات الفاقدة للمذاق و بالتالي لا تؤثر على "كاميلة" الفنان المسرحي بأي شيء. خاصة إذا علمنا أن هذه "الكاميلة" ملؤها الحجارة و إن كانت في أحسن حال فملؤها "البيصارة".

حملة نعي الدعم الفني التي خاضتها نقابة فنية للموسيقى، أوصلت الكلام إلى مراتب الجرح، فما عاد الكثير من فناني المغرب يستطيعون صبرا على تراكم الوهن وتآكل الامل في غد أفضل.

نحن اليوم أمام دعم عادي في زمن كورونا، شاءت له أقدار واجتهادات وزارة الثقافة أن تسميه استثنائيا، ربما لأن المرحلة استثنائية، اما الطريقة فلا جديد فيها، فالفيلم نفسه يتكرر في كل موسم بنفس الممثلين ونفس العزف ونفس الديكور أيضا، فقط بعض التغيير في المكياج العام.

لذلك نسأل الله أن يلهم اهل الفن المكتوين بنار النسيان و المرميين في ثلاجة الانتظار، أن يكون الحظ حليفهم في الحصول على غد أفضل و على أرض صلبة يطئونها ليبني عليها الجميع واقعا مغايرا لما نعيشه حاليا..

لأنه بكل بساطة، لا يمكننا انتظار الجودة الإبداعية في خضم الرداءة اليومية و"الترقاع" المعيشي الذي يعيشه الفنان و المبدع..