تحليل

مبروك العيد أسي حميد

إدريس شكري

شباط ليس فاتحا و لا تائبا ... عودته ليست هي عودة الفقيه البصري و لا اليوسفي، ولا ابراهام السرفاتي. لم يكن الرجل محكوما غيابيا، و لا منفيا، و لا فارا، لجرم ثبت في حقه ارتكابه.

سافر خوفا، بعدما أطلق العنان للسانه، و عبث في أعراض السياسيين، واقتحم عوالم تتجاوز قدراته.

شباط الذي لم يملأ  الدنيا ولم يشغل الناس، بلع لسانه، و اطمأن على حساباته، ورتب سفره، فيما يشبه التقاعد، وفي غفلة من الجميع اختفى، بعد أن سقط نجمه في برْكة الزلات، وصعد نجم نزار بركة الذي شغل قمة الحزب "العتيد:

راجت أخبار تقول  إنه استقر في ألمانيا، وأخرى تقول إنه موجود بتركيا، وسرب حجه إلى مساجد إسطنبول عله يعوض شيئا مما فقده في فاس.

التي قال في حقها الشاعر الفقيه المغلي:

يا فاس حيى الله أرضك من ترى /// وسقاك من صوب الغمام المسبل

ومن هناك كان يرسل السلام للذين كان ولي نعمتهم.

سافر حميد شباط، متنكرا لآلاف الأصوات التي حصل عليها من ناخبي فاس ذات صيف من سنة 2015، كما تنصل من وعود قطعها لناخبيه في الانتخابات التشريعية لـ  2016، مع اقتراب موعد السقوط الكبير.

سافر حميد شباط تاركا المغرب بين يدي حزب يدين زعيمه للإخوان المسلمين، ويولي وجهه صوب إسطنبول، وربما اختار نكاية في خصوم الامس الاستقرار في تركيا، التي طالما انتقدها لإضعاف خصمه السياسي الأول.

ويبدو أن شباط لم يجد في الحياة السياسية متعة بعد إزاحة بنكيران، فخاض معركته الأخيرة للاستمرار أمينا عاما للحزب، قبل أن يجرفه التيار الذي انتصر عليه ، وهو في قمة صعوده السياسي.

لماذا سافر شباط؟

ومن أجل ماذا؟

 ثم لماذا عاد؟

حتما لن يشفي صاحب مقولة "مبروك العيد" غليل من تزعجه هذه الأسئلة.

بالتأكيد غادر شباط، لأنه خسر معارك السياسة، واقترف خروقات تدبيرية، بعد أن ظن يوما أنه أصبح محصنا من امتحان المساءلة.

شباط سافر، ولسان حاله يقول " سلامة ...و لا ندامة" وهو أعلم بسجل مخالفاته التي أصبحت حديث العام والخاص، بعد أن تسرب جزء منها، وأصبح مشاعا حتى أن من كانوا يدافعون عن ابن الشعب، وسياسي القرب، صدموا من هول ممتلكاته وحساباته وعقاراته.

ضُرب الرجل في مقتل، بعد أن خسر "عمودية" فاس، و سقط في امتحان الجهة أمام العنصر، واختار التواري .

أما لأجل ماذا عاد، فتلك قصة يعرفها الرجل وحده، وإن كانت مجرد عودته لمعانقة كرسيه بالبرلمان هدية ثمينة لرجل عرته السياسة كما أعلت من شأنه، ولا شك أن الزمن سيكشفها، ما لم يبادر الرجل بكشفها، وإن كان متاحا كشف خلفياته بمجرد ما سيعود إلى حمقه.

أما لماذا عاد، فالأمر بسيط، فالرجل لم يغادر أبدا بل ظل يشغل مناصبه "الانتخابية" من دون أن يطال الاقتطاع تعويضاته،

لقد فقد الرجل الكثير من وزنه ليعود إلى ساحة التباري بكامل جاهزيته وطراوته. 

الأكيد أن عودة شباط ستفتح باب قراءة فنجان العودة الغامضة لرجل استهلك سياسيا.