تحليل

اليوم العالمي للتسامح..مناسبة لترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر

زهرة نجاح*

يحتفل العالم الاثنين باليوم العالمي للتسامح، وهي مناسبة سنوية تحتفي بها الأمم والشعوب والمجتمعات في 16 من نونبر من كل سنة من أجل ترسيخ قيم وثقافات التسامح والاحترام والتآخي، ونبذ كل مظاهر التعصب والكراهية والتمييز، فهو يوم لاحترام ثقافات ومعتقدات وتقاليد الآخرين وفهم المخاطر التي يشكلها التعصب.

وتهدف منظمة الأمم المتحدة من إقرار هذا اليوم العالمي لتحقيق حياة أفضل للإنسانية يسودها السلام الذي ترسخه معاني التسامح وقبول الآخر والاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب.

وتلتزم الأمم المتحدة في تدعيم التسامح من خلال تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب على اختلاف أديانهم وثقافاتهم وعرقياتهم وتكمن هذه الضرورة في جوهر ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى خصوصا في هذه الحقبة التي تشهد زيادة التطرف العنيف واتساع الصراعات التي تتميز بتجاهل أساسي للحياة البشرية.

وقد نص “إعلان مبادئ التسامح الأممي” الذي اعتمدته الجمعية العامة في هذا الشأن على أن التسامح يعني في جوهره “الاعتراف بحقوق الإنسان للآخرين”.

كما أكدت مبادئ التسامح التي وردت في “إعلان اليونسكو” الذي اعتمدته أن التسامح يعني “الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد”.

وفي هذا السياق ، قالت أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو، في رسالة موجهة بهذه المناسبة العالمية، إن “اليونسكو تحمل رسالة التسامح هذه وتنقلها، وفية لمهمتها المتمثلة في أن تكون ضمير الأمم المتحدة”.

كما كتبت أزولاي أن التسامح “ليس مجرد عدم اكتراث للفوارق” أو عدم إحساس بوجودها ، بل “هو في الواقع حالة ذهنية ووعي” بأن التنوع الثقافي هو عامل إثراء لا انقسام، على حد تعبيرها.

واستشهدت أزولاي بوصف الأمين العام الأسبق كوفي عنان بأن التسامح باختصار هو “تلك الفضيلة التي تجعل السلام ممكنا”، مؤكدة على الدور الذي تضطلع به اليونسكو من خلال سعيها إلى” بناء السلام في عقول الرجال والنساء، ومكافحة التعصب الذي لا ينفك يمزق مجتمعاتنا، بمكافحة جميع أشكال العنصرية والتمييز بلا هوادة”.

وبهذه المناسبة، منحت اليونسكو جائزة اليونسكو-مادانجيت سنغ لتعزيز التسامح واللاعنف لعام 2020، إلى المنظمة غير الحكومية “مركز تسوية النزاعات” في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ويقوم هذا المركز بإنقاذ الأطفال الجنود من الميليشيات، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في مجتمعاتهم المحلية الأصلية، كما يقوم بالجمع ما بين جماعات تنتمي إلى قبائل مختلفة حتى تعيش مع بعضها في سلام، حيث يجري لهم تدريبا خاصا على ذلك”.

ويقوم المركز بالتفاوض مع قادة الميليشيات وبناء الثقة معهم بمرور الوقت، بينما يتعاون مع الوكالات المختصة بحماية الأطفال. وبفضل الجهود التي تبذلها هذه المنظمة غير الحكومية منذ عام 2011، تمكن قرابة 1000 طفل كانوا جنودا، من العودة إلى العيش بسلام في مجتمعاتهم المحلية، والالتحاق مرة أخرى بالمدرسة أو الخضوع لتدريب مهني، كما تقدم لهم المنظمة الدعم النفسي لمساعدتهم على تجاوز الصدمات.

ويدرب المركز أيضا تعاونيات زراعية على تعزيز التسامح وبناء التفاهم المتبادل بين مختلف المجتمعات المحلية. فقد درب المركز بين عامي 2014 و2018، 40 مجتمعا محليا زراعيا على التقنيات الزراعية الجديدة والإدارة المالية والتسوية السلمية للنزاعات، مما ساعد قرابة 2000 شخص على زيادة دخلهم والوثوق بالمقاتلين السابقين.

وأنشئت جائزة اليونسكو- مادانجيت سنغ لتعزيز التسامح واللاعنف في عام 1995 بمناسبة الاحتفال بسنة الأمم المتحدة للتسامح وبذكرى مرور مائة وخمسة وعشرين عاماً على ميلاد المهاتما غاندي. وفي هذا العام أيضاً اعتمدت الدول الأعضاء في اليونسكو إعلان المبادئ بشأن التسامح، وقد اُستلهم إنشاء الجائزة من المثل العليا الواردة في الميثاق التأسيسي لليونسكو الذي ينص على أن “من المحتم أن يقوم السلام على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر”.

*(وم ع)