قضايا

هذا البلد دولة وهو يعرف أنه يواجه عصابة

عبد السلام المساوي

ونفدَ الصبر المغربي الجميل، وحدث ما كان ينبغي أن يحدث، ما كان ينبغي حتما أن يحدث؛ تحرير المعبر الحدودي-الكركرات… طرد الأقزام والانفصاليين والدمى… طرد عصابة قطاع الطرق… فتحية للقائد الأعلى للقوات الملكية المسلحة، رمز الوحدة والسيادة… ملك البلاد وأمير المؤمنين…. ضامن الوحدة الترابية والوطنية… وتحية للشجعان… تحية للقوات المسلحة الملكية…
إن ما يجري في ساحتنا المحلية والإقليمية والدولية يساعدنا هنا في المغرب على وضع نقطة النهاية لملف طال انتظار حله، يسمى ملف وحدتنا الترابية، ومن حركوا العداء لهاته الوحدة الترابية منذ سبعينيات القرن الماضي يعرفون ذلك جيدا، لذلك دفعوا أقزامهم والانفصاليين وبقية الدمى لكي ترتكب ما ترتكبه في الكركرات وغيرها لأجل دفعنا نحو الخطوات غير المحسوبة.
هذا البلد لا يرتكب الخطوات غير محسوبة.
هذا البلد دولة وهو يعرف أنه يواجه عصابة تمولها وتدعمها «بعض الأطراف».
هذا البلد متأكد من أن تلك الصحراء جزء منه وأنه جزء من تلك الصحراء.
لذلك لا إشكال إطلاقا، صبرنا وفق ما يسمح به الصبر المغربي الجميل، وبعدها مررنا إلى السرعة القصوى، وقررنا أن وحدتنا الترابية تستحق التضحية لأجل اليوم مثلما ضحينا لأجلها بالأمس ومثلما سيعلن القادمون بعدنا أنهم سيضحون لأجلها في قادم الأيام. «مدرسة الحركة الوطنية» تركت للتاريخ واحدة من أجمل وأحسن التجارب النضالية، هي تجربة «ثورة الملك والشعب»، الثورة التي خط بها أحرار المغرب بزعامة الراحل محمد الخامس، معنى لنضال الدولة والشعب، من أجل مطلبين فقط هما الحرية والاستقلال، ثم الديمقراطية والحداثة، وهما المطلبان اللذان تم تضمينهما في وثيقة 11 يناير 1944، التي تعتبر ميثاقا وطنيا بين الحركة الوطنية ومحمد الخامس، وبرنامج عمل وطني وسياسي مغربي محض، مما أثار حنق الإمبريالية التي كانت ممثلة في كل من فرنسا وإسبانيا ومهد للمواجهة التي قادت إلى شن اعتقالات وإعدامات ونفي في حق الوطنيين، ثم عزل الملك محمد الخامس عن السلطة ونفيه إلى جزيرة كورسيكا ثم مدغشقر .
إن روح ثورة الملك والشعب كانت حاضرة في المسيرة الخضراء وإن روح المسيرة الخضراء، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني، بقيت مستمرة ومتواصلة إلى اليوم، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة. وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها.
ثورة الملك والشعب ثورة مستمرة ومتجددة، والمسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى وطنية نحتفل بها والسلام. هي درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وأبدا ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم.
نقولها بالصوت المغربي الواحد: الصحراء مغربية… الصحراء عنوان هويتنا وكينونتنا، في الحاضر والماضي والمستقبل، بالأمس واليوم وكل الأيام… لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق.
نفخر بهذا الأمر أيما افتخار، ونكتفي بأننا لا ندين بالولاء إلا للمغرب. وهذه وحدها تكفينا، اليوم، وغدا في باقي الأيام، إلى أن تنتهي كل الأيام… الصحراء جزء ونحن جزء منها… الصحراء مغربية.